A+ A-
الوجود الإسلامي في الغرب الهوية وسبل الإندماج
2006-05-29
توطئة :
لقد من الله عز وجل على هذه الأمة بأن جعلها خير أمة أخرجت للناس وجعل لرسالتها الخلود ، فأمتدت حتى شملت آفاق الزمان والمكان ، واستخلف المؤمنين في الأرض واستعمرهم فيها ، ليخرجوا الناس من عباة العباد لعبادة رب العباد ، ومن جور الأديان لعدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا لسعة الدنيا والآخرة .فتأسست بذلك قيم الحق العدل ، وعاش الناس جميعاً في ظلها زماناً.

وقد جاب المسلمون الأرض تحقيقاً لهذا القيم والمبادئ، ودخل الناس في دين الله افواجاً ، وخالطت باقي الشعوب التي لم تؤمن المسلمين،في تسامح لم تشهد له الدنيا مثيلاً ، وتعرفوا لفترة من الزمن على هذا الدين العظيم.

ولكن ماهي إلا قرون حتى مضت سنة الله في المجتمعات والأمم -إن هي بدلت وظلمت - أن تدول دولتها ، وتذهب ريحها ، فسرى هذا القانون على أمة الإسلام، فوقعت بعد فترة من الزمن تحت سلطة القوي المستبد، وكان هذا العدو لا يألوا جهداً في تتبع مصادر قوة هذه الأمة ثم القضاء عليها عبر سلسلة طويلة من الحروب، التي شملت كل الميادين ، العسكرية والفكرية والإقتصادية...

ولايخفى على الدارس لعلاقة المسلمين مع شعوب وحكومات الغرب أن هذه العلاقة قد شابها الكثير من التوتر ، وارتبطت في ضمير ابناء المسلمين بتاريخ مرير وطويل من التنكيل والظلم الذي مارسته جيوش وحكومات الغرب منذ زمن بعيد، ولعل خير شاهد على ذلك ما حدث في الحروب الصليبية، وما كان من مأساة محاكم التفتيش، وانتهاءً بالإستعمار الحديث، ثم هيمنة الغرب على شعوب المنطقة عبر المتنفذين والحكام ، والتدخل في سياسات الشعوب المسلمة ومصادرة قرارها السياسي الداخلي والخارجي، وابتزاز ثرواتها...

كل هذه الأمور وغيرها، شكّل موروثاً ثقافياً يقوم على العداء والرفض، حتى ظن بعض المسلمين أن الأصل في العلاقة مع (الغرب والغربيين) هي الحرب والسيف. وأن الغرب كله في سلة واحدة، ولا يمكن أن تكون هناك نقاط التقاء، أو بؤر للتعاون، ولا أرضية للتعايش، وكل ما نراه من ذكر لحقوق الإنسان ، وحريات عامة ما هي إلا فصل من فصول (المؤامرة) على الإسلام والمسلمين.

هذا في ظني ظلم للحق، وهضم للحقيقة، وهو قبل هذا وذاك: ابتعاد عن منهج الإسلام الذي ينصف المخالف، وينأى عن التعميم ، وينهى عن عاطفة العداء التي تحجب الحقوق، وتقطع الطريق على كل نوع من أنواع التعارف والتعايش والتعاون، التي من أجلها كان الناس شعوباً وقبائل، وتأخذ البريء بجريرة المسيء ؛ التي حرمتها كل الأديان والرسائل ؛
(أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى؛ أن لا تزر وازرة وزر اخرى) النجم -36-37-38- كل ذلك لاينبغي له أن ينسينا أبداً أن لنا ُأسس، وقيم، وضوابط في التعامل مع هذه القضية، فالمسلم مأمور شرعاً بأن ينطلق في مواقفه، ومعاملاته ضمن قواعد الشرع والتي تُحتم عليه ضبط مسارات العاطفة والعمل ضمن محددات العدل والإنصاف مهما يكن من أمر، وبخاصة في موضوع بعيد الأثر وعظيم الخطر كموضوع حديثنا هذا (ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهدآء بالقسط، ولايجرمنكم شنئآن قوم على أن لاتعدلوا، إعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) المائدة -8-

منطلقات... وأسس:
هناك مجموعة من التعاليم والمباديء، لابد من ذكرها والتذكير بها في موضوع المسلمون في الغرب والدور المأمول منهم .

أولاً :- المنطلق الشرعي:-
وأنا لا أعني بالمنطلق الشرعي هنا - الوقوف عند حدود ألفاظ النصوص – دون النفاذ لمقاصدها، أو بمعزل عن أسباب نزولها أو ظروف ورودها، أو مراعاة الشروط والموانع عند إسقاطها على الواقع وترجمتها إلى أحكام .فهذا يؤدي لفهم قاصر أو مشوه، لاينبغي لمشتغل بالفقه أن يقع فيه .
إنما تفهم النصوص في إطار مقاصد التشريع، وتستنبط الأحكام في إطار المشهد الكامل لمجموع النصوص، حتى لايناقض فرعٌ اصلاً ،ولانصٌ شرعاً.معتبرين أن للزمان والمكان والأحوال أثراً في الفتوى، لا يقدرها إلا أهل العلم والتقوى .
وسألخص المنطلق الشرعي في نقاط :-
1. إن الإسلام ينطلق في تعامله مع الغير ولو كان غير مسلم ً من أن الأصل في العلاقة معه هي السلم لا الحرب، وقد ورد في ذلك الكثير من النصوص الشرعية قال تعالى ) فإن اعتزلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً ) وقوله تعالى ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ) وقوله صلى الله عليه وسلم :- ( لاتتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية...) فالإسلام لاينزع للحرب إبتداءً، إلا إن كان ظلماً واعتداءً، أو هجوما استباقيا إذا ما حشد العدو جيشه على تخوم الدولة بما لايدع مجالا للشك في سوء نواياه ،أما ماعدا ذلك فلا إكراه في الدين،فالباعث على القتال هو الإعتداء ، وليس مجرد المخالفة ، والإسلام يكره الحرب، ويعتبر كف المؤمنين عن القتال من المنن التي يمن الله بها على عباده (وكفى الله المؤمنين القتال) بل كان النبي الكريم يُغّير من أسماء صحابته الذين تسموا بحرب ومرة ،لكراهته للحرب وأسماءها ، فهذا هو الإتجاه العام أو المسار الذي يضبط علاقتنا مع غير المسلمين .والي هذا ذهب الكثير من الفقهاء ومنهم الإمامان الثوري والأوزاعي من السلف،وجمهور المعاصرين (راجع كتاب العلاقات الدولية في الإسلام _ ص 93 وما بعدهاللشيخ الدكتور وهبه الزحيلي.

ولايمكن بحال أن نلغي آيات الكتاب الكريم المحكمة والتي حددت طبيعة العلاقة ونفت بكل قطع أي نوع من الإكراه في الدين، ثم نستجيب للمقولة أن آية السيف، قد نسخت تسعة عشرة آية في كتاب الله، ولهذا فإن كثير من الأحاديث الواردة في قتال الناس حتى يدينوا بهذا الدين يبنغى أن تحمل على طائفة معنية بمصطلح (الناس) الذي ورد في الحديث الصحيح، أو أنها تفيد مرحلة بعينها وحقبة تاريخية لا يمكن تعميمها ونسخ آيات الكتاب التي جعلها الله تعالى مهيمنة على سائر التشريعات فضلا عن نصوص السنة في هذا الصدد.

2- الإسلام يقرر أن بين بني البشر العديد من الروابط التي تضبط طبيعة العلاقة بحسب كل رابطة وما تقتضيه من حقوق وواجبات، فجعل رابطة الأخوة الإيمانية بين المؤمنين، وجعلها رابطاً من أسمى الروابط بل أسماها على الإطلاق، ورتب عليها النصرة والموالاة .

لكن الإسلام نفسه قرر العديد من الوشائج والروابط، التي يتأسس عليها إجتماع البشر وإن فرق بينهم الدين ووحدة المعتقد، حيث قرر مبدأ الإجتماع على القبيلة والوطن والأسرة، كما بين أن الناس تجمعهم أبوة آدم، وأن لهم حقوق الإنسان مهما كانت إنتمائاتهم، ودياناتهم... وقد بين القرآن الكريم هذا في جلاء حين قال: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباوقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير ) الحجرات.

والإعتراف بهذا الولاءات لاينازع ولاء الإيمان بل ولا يناهزه، ولكن لهذه الولاءات في الإسلام إعتبار وعلينا كمسلمين تجاه كل دائرة من دوائر الإجتماع حقاً ينبغي أن نؤديه وأدباً لابد أن نراعيه. فللوالدين حق وأدب ولو كانا غير مسلمين، ولبني العشيرة حق وأدب، وللوطن في القلب مكان يقضي بتقديمه على غيره بالبر والإصلاح، وقل مثل ذلك في ماسوى ذلك .ولهذا نرىالقرآن قد أمر بتوجيه الخطاب للأهل والعشيرة، ونرى المصطفي عليه الصلاة والسلام يحن للوطن وملعب الصبا، ويفخر بإنتسابه لسلالة من الناس كان فيهم من لايؤمن بيوم الحساب. ويحزن لتكذيب قريش له ولكن حزنه على عمه أكبر وأجل...

3- يعلمنا الإسلام الإنصاف مع الناس كل الناس، فهو إذ يقرر عداوة قوم، أو يبين كيدهم للدين، وفساد نفوسهم (على العموم) إلا إنه يأتي في موضع آخر ليؤكد لنا نحن المسلمين بأن لانضع الناس في مرتبة واحدة ولانعمم في الحكم فنجانب الصواب، وأنظر لقول الحق سبحانه إذ يقول عز من قائل (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه على قنطار يؤده إليك، ومنهم من إن تامنه على دينار لايؤديه إليك إلا ما دمت عليه قائماً ..)

ثم يمضي القرآن إمعاناً في الإنصاف ليبين سبب ذلك، أي لايكتفي بكشف الظاهرة بل يبين مبرراتها عند القوم وإن كانت هذه المبررات سخيفة ولا تستحق الذكر ولكن القرآن يعلمنا الإنصاف حتى يكون لنا دثاراً وشعاراً (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ؟َ!!)

ويقول القرآن أيضاً بأن أهل الكتاب ليسوا سواء فمنهم (أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون) كما يبين القرآن درجات القرب من الذين آمنوا درجة درجة؛ فأبعدها اليهود، ثم الذين أشركوا، ثم الذين قالوا إنا نصارى) وبيّن سبب قرب الطائفة الأخيرة بأن (منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لايستكبرون ) ولايمكن لمن فهم الخطاب القرآني أن يساوي بين من فرّق الله بينهم، فإن في ذلك إهمال للنص القرآني ، ومجافاة لهدي الإسلام العظيم. فإن كان ذلك كذلك فلا أقل من أن نحاول تفهّم هذه الدرجات وإستنباط أساليب في التعامل بحيث نفرق بين كل طائفة وأخرى ونعامل كلاً بحسب مقامه ودرجة قربه منا.

4- من المنطلقات الشرعية في التعامل في هذه البلاد ، أن الله عز وجل أوجب علينا الوفاء بالعهد مع المسلم والكافر على حدٍ سواء، وعلى إحترام القوانين المعمول بها إن كانت لا تُلجئ المسلم لفعل المحرم،وتعتبر تأشيرة الدخول لهذه البلاد بمثابة العهد في العرف الدولي.

5- المسلمون في الغرب هم جزء من هذه الأمة ، وهم ملزمون وملتزمون بأحكام الإسلام بمقتضى عقد الإيمان بالله تعالى، وأن من أعظم فرائض الدين الدعوة إلى الله تعالى فهي سبيل المرسلين و هي فريضة ماضية على وجه الكفاية ، وينبغي على المسلمين – بوصفهم امة ذات رسالة – أن يكون لهم وجود في الغرب ، وعليه فإن في اعناقهم واجب توطين الإسلام في ديار الغرب، والحفاظ على هوية أبناءه، والسعي في مصالحهم، وتعريف اخوانهم المواطنين في دول الغرب بهذا الدين .

هذه بعض المنطلقات أو الأُسس التي أرى على المسلم مراعاتها عند التعامل مع أهل الديانات الأخرى ، وعند العيش في ديارهم، وأظن أن فهم هذه الأُسس يعصم المسلم من الخطأ في التعامل ، ويرسم مساراً شرعياً يساعد المسلم في السير فيه دون حرج.

ثانياً : المنطلق الواقعي
وأعني بالمنطلق الواقعي معرفة عناصر المعادلة التي يتكون منها الواقع الذي نريد التعايش معه والعيش ضمن حدوده، ومن ثم تنزيل أحكام الدين على هذا الواقع المعاش، دون تبديل لثوابت الدين، أوطمساً لمعالمه، والأخذ في الإعتبار أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان.وعندما ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً بمواجهة المسلم للظروف التي تحاول اقتلاعه، شبهه بالنبتة اللينة التي تعصف من حولها الريح ولكنها تنحني وتميل في مرونة ويسر، فإذا ما هدات العاصفة عادت لشأنها الأول، دون أن يؤثر ذلك في ( جذورها ) أو يطمس صورتها . ثم يشبه المنافق بالأرزة التي تقف منتصبة، فإذا ما أتت الريح ( كسرتها ) واجتثتها من الأرض مالها من قرار !
فالمرونة مكونٌ أساسي من مكونات الشخصية المسلمة ، ولايلزم من ذلك الوقوع في الميوعة وفقدان الهوية.
بعض المعالم للواقع الغربي المعاش...
تقييم أي واقع يعيشه الناس هو من أصعب المهمات، نظراً لما يتحكم في ذلك من عوامل ثقافية ،وتاريخية ، وجغرافية ،وسياسية...بل لما يتحكم فيه ايضاً من إختلاف الناس في تقييم كل عامل من هذه العوامل ومدى تاثيره في المعادلة العامة. ومن أهم العوامل التي ينبغي مراعاتها في ظني :-

1– الواقع العالمي والذي افسح المجال لتفرد الولايات المتحدة ، وحليفها الغربي لسيادة العالم والسيطرة على مفاصل القوة العسكرية والإقتصادية فيه .
وهذا المعطى المهم يحتم على المسلمين مراعاة تقديرهم لمحاولات النهوض ذات الطبيعة القطرية الضيقة ، أو قيام مشروع نهضوي من شأنه أن يستفز الغرب ويريه أن له خطر على مصالحه .وبخاصة إذا ماكان هذا المشروع ذو طبيعة نخبوية تهتم بحشد النخبة على حساب وعي الجماهير وتفانيها في مشروع التغيير. إن عدم مراعاة ذلك المعطى المهم سيؤدي غالباً لوأد كل محاولة في مهدها قبل أن ترى النور أو تأتي ثمارها. 

2 – شيوع مفهوم (محاربة الإرهاب) وضبابية هذا المفهوم المُتعمَدَة ، والتي من خلالها تُحارب كل محاولات النهوض والإستقلال عن الوصايا الأمريكية .ويراد من وراء ذلك تجفيف ينابيع التدين الصحيح، الذي يوجب على أهله القيام بدورهم في الشهود الحضاري على الناس . وفق منظومة القيم والمعتقدات التي يدينون بها. وبناء ً على ذلك فإن تقسيم المسلمين إلى متطرف ومعتدل، قد يؤجل القضاء على أحدهما قبل الآخر ، ولكن لا يلغي نظرة العداء لكليهما ، وهما وجهان لعملة الإرهاب الواحدة كما ترى القيادة الإمريكية وهذا ما نلمسه من محاولة أمريكا للتدخل في مناهج المملكة السعودية رغم نعومة هذه المناهج وبعدها( إلى حدٍ ما ) عن تدريس الإسلام السياسي _ إن صح هذا التعبير -؟؟!!!

3 – وجود ما يقارب من 432 مليون مسلم يعيشون كأقلية ، أي ما يقارب ثلث المسلمين ، منهم ما يقارب 15مليون مسلم في أوروبا الغربية، و35 مليون مسلم في أوروبا الشرقية، منهم في فرنسا فقط أكثر من (450,000 مسلم فرنسي) إضافة إلى 5 مليون مسلم من اصول عربية وأفريقية!! إن جود المسلمين في الغرب لم يعد وجود سائح عابر ، أو مسافر قاصد ، بل تعدى ذلك لأن يكون المسلمون اليوم مواطنين أُصلاء ، ورقماً مهما ً في الغرب .

وهذا يدعونا لمراجعة صادقة في النظر لهذه الديار ، وأن لها حقوق الوطن وآداب المواطنة، والإسلام يدفع المسلمين بالحرص على بناء أوطانهم والسعي في نهوضها ورخاءِها ، فهي مقر معاشهم ، وديار أبناءِهم من بعدهم، وصلاح هذه الأوطان وأمنها يعود على كل مواطنيها دون فرق ، والمسلم الصادق حينما اختار المعيشة في الغرب فإنه اختار أن يكون (جزءاً) من الوطن والمجتمع الذي يعيش فيه ، مما يوجب عليه أن يفكر في همومه ، والتحديات التي تواجهه ، ولكن من منظور دينه وعقيدته.
وعلى المسلمين الحذر من آماني العودة التي قد تطول ولا تُطال، وقد يمر بنا العمر ونحن ننتظر قطار العودة ، فلا هو حملنا وذهب ، ولا نحن الذين وضعنا قدما يمهد لإستقرار دعوة الإسلام التي آمنا – نظرياً – أنها تصلح لكل ( مكان ) ولو كان هذا المكان الغرب نفسه !

4 – لا أنسى وأنا أتكلم عن الواقع أن أفرد بالذكر شيئاً من تأثيرات الثقافة الشرقية التي صحبناها معنا إلى هذه الديار و التي تشكلت من عادات البلاد التي ولدنا فيها ولم تكن من فرائض الشرع أو من مقتضيات التدين .وكذلك لا ننسى تلك الهموم أو المساجلات الفقهية والفكرية ، التي تمثلت على شكل صراعات بين جماعات ومذاهب ، نقلناها معنا إلى هذه الديار وكأن الجدل والخلاف (بحراً) لايمكن لأسماك الشرق التنفس خارجه !

علينا أن نعترف بأن لنا إرثاً علمياً وزاداً ثقافياً فيه الكثير من الخير النافع ، ولكن فيه من الدَخَن أيضاً الشئ الكثير ، ورثناه من عصور من التخلف والتعصب المقيت الذي شكّل الكثير من مشاعرنا تجاه بعضنا ووجه الكثير من مواقفنا التي لا تعبر عن الإسلام ، ولكننا حملناها كأنها جزء أصيل من الإسلام لا يمكن أن تنفك عنه .وعدنا لانفرق بين ما هو من الإسلام كدين وبين ما هو من ثقافة المجتمع الشرقي المحافظ ، لاو تربيتهم الحضارية الجمالية ، وقابليتهم للإنقياد في مجموعات عمل يتنازل فيها البعض لمصلحة المجموع ، إلى ماهنالك من موروثات كان للعادات والتقاليد الدور الأكبر في ترسيخ سلطانها على نفوسنا .ثم امتثالنا لسلطانها من حيث لا نشعر أحياناً .

ويمكنك مشاهدة ذلك في سلوكيات بعضنا في ديار الغرب ، فالبعض يرى أن التمسك بلون معين من اللباس هو من مقتضيات التدين او من مكملاته ، والبعض الآخر يرى أن تضييق الطريق على جاره أو زميله في العمل ، من السنة المطهرة ( ألجئوهم إلى أضيق الطرق !!!) والبعض الآخر يبذل قصارى جهده حتى لا يبدأ الكافر بالسلام ، بالرغم من وجود الروايات الصحيحة التي تعلل هذا المنع بحالة الحرب مع بني قريظة، بل عايشت بعض الإخوة الذين لا أشك في ورعهم ودينهم ، يمنعون نساءهم من مجرد الرد على هاتف المنزل كي لا يسمع الغريب صوتها . ويضعون كل الحواجز لمنعهن من تعلم لغة البلاد ، أوقيادة السيارة أو غير ذلك من المهارات التي قد تحتاجها بعد غياب الزوج ولو بسبب الوفاة .

5 – من معطيات الواقع في الغرب أيضاً ، هجرة الكثير من الدعاة بسبب الإضطهاد في بلاد الشرق ، ولما كان لكل طائفة نظرة أو منهجاً للتغيير إعتبره الكثير منهم ثابتاً وأسلوباً لايمكن التحرك بالإسلام إلا من خلاله.فإن هؤلاء الدعاة وجدوا أنقسهم في مواجهة مع واقع مخالف تماماً لما كانوا عليه .

إن إقتصار مناهج التربية على واقع الشرق جعلهم يقعون في حيرة تجاه واقع لم يجدوا في أدبيات الحركات التي انضموا اليها ما يخرجهم منه، وبخاصة تلك الحركات ذات التصور المحدود في الأهداف والوسائل ، فهل يتحركون في الغرب للحصول على الخلافة ، أم يُنظمون خلايا لإنقلاب عسكري يصلون به لحكم الشعوب الغربية ، أم يحاربون البدع ويهدمون الأضرحة التي تُزار في الغرب ، أم يعتزلون الكفر و يُنشئون الزوايا والتكايا ، ويوزعون الأوراد التي تغير ما بالأنفس ، كمقدمة لتغيير الواقع المعاش .أم يشكلون جبهة تضم كل هذه الأطياف المتفرقة والمتناقضة أحياناً في حزب يزاحم الأحزاب الأوروبية على تسلم السلطة ؟!
لاشك أن فقه الواقع يقتضي اجتهاداً متميزاً للمسلمين في الغرب على الدعاة المفكرين تلمس أصوله من خلال فهم معطيات الواقع بكل مكوناته ، وتنزيل النصوص بما يفسح المجال للعمل الدآئب من أجل وجود حقيقى وفاعل يقدم مصلحة مسلمي الغرب ، والتفكير في المشاكل التي يعانونها ، وإيجاد الحلول لها بدلاً من التباكي على هموم الشرق رغم أهميتها ، ويحمل المسلم من ( مخيمات ) اللاجئين ، إلى التعايش مع مجتمعه الجديد وإن كان كارهاً له ، وعلى المسلمين العمل داخل مواقع تأثيرهم اليومي بدلاً من توسيع دائرة إهتمامهم بقضايا وتحديات لا يستطيعون معها حيلة ولا يهتدون سبيلاً ، ولم يكلفهم الله عز وجل بالتغيير فيها من خلال ( التحكم من بعد) .

كل هذا لايمنع من تقديم الكثير من أجل قضايا أقطار الشرق ، ولكن على أن لايكون ذلك علي حساب واجب المكان والزمان ، الذي لايقوم به غيرنا إن نحن فرطنا فيه ، بينما في الشرق رجال قد يكونوا هم أقرب له نفعاً ! .
هذه بعض الأفكار حول ( المنطلق الواقعي ) لم أقصد بها الحصر، فما هي إلا رؤوس اقلام لمن أراد ينهج ، أو منوالاً لمن شاء أن ينسج .

فرص .... ومحاذير !
أود هنا التركيز على بعض الفرص التي يمكن لنا من استثمارها وتنميتها أو المحافظة عليها ومحاذير ، لابد من التحرز منها و تطويقها ، حتى لا يتفاقم اثرها .

من هذه الفرص :
• وجود عدد كبير من انصار الحرية والعدل والمساواة في الغرب ، وهم بذلك انصار للقيم التي نادى بها الإسلام العظيم ، ونحن نشترك معهم أو يشتركون معنا في ذلك ، ويمكن اذا ما أحسنا التنسيق معهم أن نحصل على الكثير من المكاسب لصالح شيوع أجواء الحريات التي تمثل البيئة الصالحة لنمو وشيوع الإسلام وبزوغ نوره وظهوره على الدين كله .
• وجود جمعيات ومنظمات حقوقية ترخص لها الدولة ويحميها القانون يمكن التحرك من خلالها لنصرة قضايا المسلمين في الغرب والشرق على حدٍ سواء .وإن كنا لا ننسى أن هذه المنظمات هي منظمات ( حكومية ) غير مستقلة ، وبالتالي فلا يمكن التعويل الكامل على دورها .
• تذمر الغرب الأوروبي حكومة وشعباً من الغطرسة الأمريكية وممارساتها ، وظهور مجموعات مناهضة للعولمة ، والتي تنادي بدور مستقل لأوروبا بعيداً عن الهيمنة الأمريكية ، ويمكن من خلال ذلك دفع الغرب لأن يكون له دور فاعل وعادل تجاه شعوب المسلمين وقضاياهم الكبرى.
• انتشار أكثر من 7000 مركز ومؤسسة إسلامية في أوروبا ، لا بد من تفعيلها للقيام بدورها المنشود ، لبيان صورة الإسلام الناصعة ، وتقديم خدمات للمجتمع بدلاً من التقوقع في إطار روادها من المصلين أو المتعلمين .
• من الفرص الحقيقية ، شيوع الفهم المعتدل للإسلام بين الكثير من أفراد الأقليات المسلمة ، ونفور الكثير من الناس من العصبية القطرية أو المذهبية والشعور العام بالحاجة للتوحّد على ما هو أولى وأهم ، وبخاصة بعد الأحداث الأخيرة في فلسطين الحبيبة ، وما يحدث في الهند ، وافغانستان ، العراق ،....كل ذلك كان ارضاً مناسبة لترسيخ قيم الإخوة الإسلامية العامة ، وشعور المسلمين بأنهم تجاه عدو مشترك يريد أن يستأصل شأفتهم،لابد من مواجهته بروح التوحد على قضايا الأمة والتعاون على البر والتقوى، ونبذ العصبية ، والتعاون على المتفق عليه .
• ومن الفرص المهمة وجود مناخ مناسب وحر للتفاهم والحوار بين الدعاة الذين قدموا من الشرق ، حيث لايوجد خوف من بطش الحكام وغيرهم ، كما أن الفرصة مواتية لتعرف المسلمين علي ظروف بلدانهم المختلفة ففي الغرب فرصة أشبه ما تكون بمواسم الحج التي يأتي فيها الناس من مختلف الأقطار ، إلا أن الفرصة هنا أكبر للمطارحات الفكرية والندوات العلمية التي تساهم في تقريب وجهات النظر بين العلماء و الدعاة .

محاذير ...ومخاوف!
إن حمل الدعوة في مثل هذه البيئة ليس بالأمر الهين ، ذلك لما يحيط بهذه المهمة من صعوبات وتحديات كبيرة ، منها ما يتعلق بالبيت الداخلي للدعاة والعاملين ، ومنه ما يتعلق بظروف المجتمعات الغربية ، ومنها أيضاً ما يتعلق بظروف الأوطان التي جاء منها هؤلاء الدعاة ، ومن أهم المحاذير والتخوفات التي تذكر :-
• ينبغي أن لا يتحول الخطاب ( الدعوي ) ذو السمة التبشيرية السمحة ، إلي خُطب عاطفية حماسية ، أو ( بيانات ) ثورية نضالية سياسية , فبالرغم من الهيمنة السياسية لدول الغرب على شعوبنا في الشرق ، وتدخلها السافر في كل الشؤون ، إلا إنه ينبغي علينا أن لا نخلط بين منهج الدعوة وخطابه الذي يتميز بالسلم والجدال بالتي هي احسن ، وبين ( التدافع ) السياسي ، أو الصراع العسكري .فالعدو المخالف في ساحات الحرب والسِنان ، غير العدو المخالف في ميادين الحوار والبيان ، ولكل ظرفٍ سلاحه.
• على المسلمين أن يتفطّنوا لأي محاولة إستدراج يقوم بها الصهاينة عبر الإعلام الغربي ، والذي يسعى لتاكيد صفة ( الإرهاب ) والعنف ، وأن المسلمون لايعرفون غير لغة الدم ، والإقصاء .فبعض الدعاة للأسف يعطي المبرر تلو المبرر ، ويؤكد للشعوب الغربية مثل هذه الإدعاءات ، وذلك من خلال بعض الممارسات والمواقف، أو التصريحات الإعلامية الغير مسؤولة .
• ينبغي التركيز على عنصر التفاعل مع البيئة الغربية ، ولا ننعزل عنها فإن رسالتنا في الغرب لا يمكن لها أن تؤتي أكلها إلا في أجواء من التعارف والتواصل والتعايش والحوار ، وشجرة الإسلام لا تمتد جذورها إلا إذا تفاعلت مع تربتها وبيئتها ، وإلا ستكون بمعزل عن التاثير ، ولايمكن لنا تحقيق (الشهود) الحضاري المطلوب دون ( حضور ) في ساحات الفكر والثقافة وصناعة القرار في الغرب، ودون معرفة بثقافة الناس هنا .
• على المسلمين أن يطالبوا بحقوقهم من منطلق ( المواطنة ) التي يتمتعون بها ، لا من منطلق التميز الديني عن أهل هذه البلاد ، فإن ذلك يساعد على تلبية ما يطالبون به ، دون الوقوع في فخ الصراعات الطائفية والدينية مع أهل هذه الديار .
• من الحكمة أن يستبعد الدعاة عند حوارهم للناس هنا الحديث عن نقاط الإختلاف التي تفصل بيننا وبين أهل هذه الديار ، سواء في المعتقد أو السلوك ، بل ينهجوا منهج القرآن في التركيز على نقاط الإلتقاء ولو كانت صغيرة ، ثم الإنطلاق منها لتحقيق تقدم سواء على صعيد الفكر أو السياسة ، فإشعار المخالف بأن لديه شيء من الحق يقربه منك في الجولة الأولى من جولات الحوار ، كي تضمن شيء من الود للجولات التالية ، قال تعالى :-( وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ، وإلهنا وإلهكم واحد ،...)، ( يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ، أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله ...)

ويدخل تحت هذا الباب الإنصاف لحضارة الغرب والإعتراف بأن لديها ما تقدمه للناس ، فما قامت هذه الحضارة إلا على قيم ومباديء ، أنها غير منطلقة من دين أو إعتقاد وهي بذلك معرضة للسقوط مع الزمن ، بعدم وجود الضمانات الكافية ، ولكن هذا لايمنع من الإنصاف و الإفادة منها ، والإضافة عليها وتكميلها ، وتتميمها ، فإنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ( ليتمم مكارم الأخلاق ) لا ليهضم حق المجتمعات في التحلي ببعضها ، وينفي وجودها في واقع الناس .

وقد عبر عن هذا اللون من الإنصاف أمثل تعبير سيدنا عمرو بن العاص ففي صحيح مسلم من رواية المستورد القرشي عند عمرو بن العاص، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" تقوم الساعة والروم أكثر الناس "، فقال له عمرو: أبصر ما تقول ؟ قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالاً أربعاً:" إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك ".

وهذا ما نلمسه حقيقة في كثير من الغربيين الذين نعيش معهم في هذه الديار ، بل ربما كانت هذه الصفات هي مقومات نهضتهم العمرانية واستقرارهم السياسي وتمكينهم في الارض ، وقول عمرو بن العاص رضي الله عنه ، هو انصاف وعدل ، واعتراف بما لدى الآخر ، علينا أن نقف عنده ونتعلم من معانيه . ولاشك أن هناك جملة من الحقوق والواجبات يرسمها الشرع ، ويفرضها الواقع ، تحتاج منا لمزيد من الحوار والتاصيل ، على العلماء والمفكرين واصحاب التجربة والرأي أن يصلوا لخلاصاتها ويسعوا لتفعيلها وتنزيلها كمشاريع عمل ، ومضامين رسالة تحملها الأجيال في هذه الديار .

وأود أن اختم بخلاصة الميثاق الذي تقدم به اتحاد المنظمات الإسلامية في اوربا والذي يصلح أن يكون رؤية تجمع بين فصائل المسلمين بشتى مذاهبهم واعرقهم في ديار الغرب ، حيث تضمن الميثاق جملة من المباديء أهمها :
1- في القواعد الأساسية :-
• يستند فهمنا للإسلام على الإلتزام بقواعد ثابتة مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة ،وفي اطار ما أجمعت عليه الأمة مع مراعاة روح العصر وخصوصيات الواقع الأوربي .
• أن الفهم الذي يعبر عن روح الإسلام هو الذي يقوم على مبدا الوسطية المستصحب للمقاصد العامة للشريعة وسطية تنأي عن الإفراط والتفريط ، وتؤلف بين هداية الوحي ونور العقل وتراعي العدل في التوازن من مطالب المادة ومطالب الوح عن الإنسان .
• أن المنهج الإسلامي يقر اسس النظام الديمقراطي القائم على حرية اختيار السلطات واحترام مبدأ التعددية والتدوال السلمي على السلطة ، منطلقا في ذلك من قيمة الشورى ، ومؤكدا على الأخذ بما توصلت إليه التجربة الإنسانية من رصيد من الخبرة في المجال السياسي والتشريع الدستوري .

2- في مجال الأسرة والعلاقات الإجتماعية :
• الإسلام ينادي بالمساواة الإنسانية بين الرجل والمرآة في إطار الإحترام المتبادل ويرى أن الحياة تقوم على أساس التكامل والإنسجام بين الرجل والمرأة وينبذ كل فكر ينتقص من المرأة أو يهضم حقوقها المشروعة ومهما كان لذلك من شواهد في بعض عادات المسلمين وتقاليدهم الخاطئة ، والإسلام يناهض استغلال المرأة أو التعامل معها على أنها متاع .يعتبر الإسلام الأسرة المتماسكة اللبنة الأولي في بناء المجتمع وهي المحضن الطبيعي والصحيح لتنشئة الأجيال ، وهي الأساس في سعادة الفرد واستقراراه الذي هو من
استقرار المجتمع ولهذا ينبغي تدعيمها وحمياتها من اسباب التهميش واضعاف دورها .
• أن الإسلام أولى البعد الإجتماعي أهتماما خاصا ، فدعا للرحمة وصلة الرحم ، وأمر بالتعاون على البر ، وضم الجهود والتكامل ، وتقديس حق الوالدين والجار ، وحق الفقير والمريض والمسنين ، من جميع البشر على اختلاف معتقاداتهم واصولهم .

3- مجال البعد الإنساني والقيم الإنسانية الحضارية :
• لقد كرم الإسلام الإنسان واعتبره خليفته في الارض ، وأوصاه بعبادته سبحانه ، وإن هذا التكريم يشمل جميع بني آدم رجالا ونساء دون تفريق وأن هذا التكريم يقتضى حمايته من كل ما يمس كرامته أو يهدر طاقته العقلية أو يضعف صحته .
• أن الإسلام يحترم حقوق الإنسان وينادي للمساواة بين البشر ويناهض كل أشكال التمييز العنصري ، ويرفض كل نوع من الإكراه على الدين ويعطي حق الإنسان في اعتقاده وما يريد ، وينظر للحرية على أنها التزام ويعلي من قيمتها مادامت لا تتعارض مع حقوق الآخرين أو القيم والثوابت لأي أمة من الأمم ، بحيث لا تنقلب إلى اعتداء على الذات والغير .
• يدعو الإسلام للتعرف بين الناس والتعايش بين الشعوب وضمان السلام العالمي ، وان الجهاد في حقيقته هو إجراء تلجأ إليه الدولة ذات السيادة في حالة الدفاع المشروع لرد اعتداء حادث أو على وشك الحدوث ، وهذا ما تقرره القوانين والمواثيق الدولة السائدة في العالم اليوم .
• يأمر الإسلام لأداء الأمانة بمفهومها الواسع ، وإلى الوفاء بالعهود ويحرم الخيانة والغدر ، ويأمره بالإحسان في التعامل مع الناس بل وسائر الكائنات في هذا الكون .( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ).
4- مجال المواطنة في الغرب :
• المسلمون في أوربا هم مواطنون أوربيون ، من واجبهم أن يعملوا لصالح أوطانهم ، وأن يحرصوا على أداء واجباتهم كحرصهم على المطالبة بحقوقهم بل أشد ، وأن يكونوا منتجين مبادرين لنفع غيرهم ، والحفاط على أمن أوطانهم واحترام القوانين المعمول بها في بلدانهم .وأن يدافعوا عن حقوقهم والتعبير عن آرائهم ومواقفهم أفراد وجماعات
• المسلمون يعيشون في في مجتمعات متعددة المذاهب الدينية والفلسفية وعليهم أن يحترموا هذه التعددية ، مراعاة لمبدأ التنوع والإختلاف الذي جعله الله سبحانه سنة كونية ماضية ( ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ، )
• على المسلمين أن يوازنوا بين الحفاظ على هويتهم ودينهم وبين الإندماج الإيجابي في مجتمعاتهم ، وعليهم ان ينخرطوا في مجالات الحياة السياسية من منطلق المواطنة الفاعلة ، بدءا من الإدلاء بأصواتهم في الإنتخابات إلى التعاطي مع الهيئات السياسية ، وأن يؤدوا رسالته لتحقيق المعادلة الصعبة :خصوصية دون استعلاء إندماجا بلا إنكفاء ، أو محافظه بلا انغلاق ، واندماج بلا ذوبان .
وصلى الله على محمد النبي الأمين وآله وسلم .

 
-ورقة عمل قدمت في مؤتمر "نحو خطاب إسلامي ديمقراطي مدني " الذي نظمه مركز القدس للدراسات السياسية في الفترة مابين 27-29 مايو 2006 - عمان - الاردن