A+ A-
مصائر " الجماعات الجهادية " في مصر

2000-03-19

تجمع المصادر المقربة من جماعة الجهاد المصرية على ان التطورات التي شهدتها مؤخرا لم تأت فجأة وليست وليدة لحظتها ، وانما هي ثمرة تفاعلات وحوارات وخلافات سادت صفوف التنظيم في الاعوام الماضية ، وتركزت بشكل اساسي حول مسألتين :
الاولى لها صلة بالتحالفات وتحديدا العلاقة الخاصة والمميزة بين زعيم تنظيم الجهاد الدكتور ايمن الظواهري واسامة بن لادن ، اما الثانية فكانت حول جدوى ومردود و آثار اسلوب العنف نفسه . وتشير ذات المصادر الى حدثين بارزين حصلا في صفوف الجماعة تمثلا في غياب الظواهري عن مواقع المسؤولية الاولى ، حيث لم يعد اميرا لها ، واعلان التنظيم وللمرة الاولى في تاريخه عن وقف عمليات العنف داخل مصر وخارجها ، وهو ما دفع بالجماعة الى تصدر واجهة الاحداث ، وابعد من ذلك الى اثارة جملة من الاسئلة والتساؤلات حول راهن ومستقبل العنف الاصولي على الساحة المصرية .

وقف العنفبعد طول انتظار ، لحق تنظيم الجهاد الاسلامي بالجماعة المصرية وهما ابرز قوتان مارستا العنف الاصولي حيث دعا بيان صادر عنه الى وقف كافة العمليات العسكرية داخل مصر وخارجها .
واعلن اسامة صديق علي ايوب وهو احد قادة الجهاد المقيمين في المانيا انه " ايمانا منا ورغبة في قولة حق وحرصا على الاستمرار في نشر دعوتنا الاسلامية في جميع انحاء المعمورة ، فاننا نوجه هذا النداء الى جميع اخواننا في داخل مصر وخارجها لوقف العمليات العسكرية وتوجيه كل الجهود لقضيتنا الكبرى وهي الجهاد من اجل تحرير المسجد الاقصى... واننا نناشد جميع اخواننا الاستجابة الصادقة لهذا النداء الذي ما اقدمنا عليه الا بعد تفكير عميق وقناعة شرعية ومشاورة للكثير من اخواننا قياديي العمل الجهادي في داخل مصر وخارجها ".

ويرى مراقبون ان مسألة الحديث عن التوجه لتحويل الجهود للجهاد من اجل تحرير المسجد الاقصى التي وردت في بيان ايوب هي مسالة دعائية لا قيمة لها حتى وان صدقت النوايا ، فلا يعقل بعد هذا الفشل الذي مني به التنظيم وحالة الهزال التي اصيب بها ان يسلك هذا الطريق .

وايوب الذي حصل على اللجوء السياسي في المانيا وصلها بعد ان تنقل في عدة دول منها افغانستان والسودان واليمن والاردن ، بعد ان غادر مصر في اوائل التسعينات حيث صدر ضده حكم بالمؤبد في قضية احداث بني سويف - اتهم مع قائد تنظيم الجهاد في المدينة مجدي كامل بقتل المنشق عنهم حسام البطوطي بالبلطات في مستشفى بني سويف العام- كما صدر حكم عليه بالاشغال الشاقة لمدة 15 عاما في قضية "العائدون من البانيا" ، وورد اسمه ضمن اللائحة الحمراء التي تطالب السلطات المصرية بالقبض على الواردة اسمائهم فيها ، حيث ضمن القائمة 14 اسما من قادة الاصوليين بوصفهم " اخطر الارهابيين المطلوبين ".
ورغم ان ايوب اشار الى " ان النداء صدر موقعا مني بصفتي الشخصية " الا انه اكد في الوقت نفسه ان مشاورات قد سبقته وخاصة مع قادة الجهاد في السجون .

وقد اعلن محامي ايوب في مصر سعد حسب الله انه تلقى تأييد خمسة من كبار القادة في سجن طرة للمبادرة ، وهم :
1- صلاح السيد بيومي ( ابو البصير) : وهو يقضي عقوبة المؤبد في قضية اغتيال الرئيس المصري السابق انور السادات .
2- محمد سمير عبيد السيد : اشغال مؤبدة في قضية طلائع الفتح
3- خالد عبد الفتاح مصطفى : اشغال شاقة مؤبدة في قضية طلائع الفتح
4- حلمي عبد العظيم عكاشة : 5 سنوات اشغال شافة في ذات القضية
5- محمود عبد الحليم ابو العنين : 5 سنوات اشغال شاقة في ذات القضية
واضاف حسب الله ان تنظيم حزب الله المصري ايد الخطوة ايضا حيث حظيت بمباركة القيادي ابراهيم محمد عبد الستار .
وتبقى الخطوة التي اقدم عليها ايوب ناقصة ، واستكمالها لن يتم الا بقرار رسمي من مجلس شورى الجهاد يعلن فيه وقف العمليات المسلحة حتى تصبح المبادرة قرارا وموقفا رسميا للتنظيم ، وهو ما تشير المعطيات المتوفرة الى ترجيح حصوله في الفترة القريبة القادمة بعد ان ياخذ التفاعل مداه في صفوف التنظيم .
وقد وصف مصدر مقرب من الجهاد في القاهرة هذه الخطوة التي اقدم عليا ايوب بانها محاولة للسير بالتنظيم على طريق اخر غير العمليات العسكرية ، وتكمن اهميتها في انها صادرة عن احد قيادات التنظيم في الخارج، والمعروف ان قيادات التنظيمات الاصولية في الخارج اكثر تطرفا منها في الداخل ، وبالتالي فان المسألة برمتها تعكس تحولا في القناعات املته الظروف الجديدة وتجربة الجهاد ذاتها ، مشيرا الى ان بيان ايوب هو في حقيقته ترسيم لواقع قائم ، حيث لم تشهد مصر اية حوادث عنف بفعل التنظيمات الاصولية على مدار العامين الماضيين.

وما يؤكد ان المسألة هي ثمرة تفاعلات في صفوف تنظيم الجهاد انه ليست هذه هي المرة الاولى التي تثار فيها قضية وقف العمليات العسكرية ، وان كانت تخرج للعلن للمرة الاولى .
فقد كشفت التحقيقات التي اجريت في قضية " العائدون من البانيا " ان الظواهري اصدر قرارا داخليا " بوقف العمليات المسلحة داخل مصر تماما في منتصف التسعينات " من اجل اتاحة الفرصة امام تقييم ومراجعة التجربة واستخلاص الدروس والعبر منها خاصة بعد الخسائر التي تعرض لها التنظيم والضربات القوية التي وجهت له على يد اجهزة الامن المصرية . ويؤكد هاني السباعي وهو احد قادة الجهاد المقيمين في لندن ان الظواهري " اتخذ قرارا اداريا داخليا باجماع مجلسي الشورى واللجنة الشرعية بوقف العمل العسكري نظرا للعجز وعدم القدرة ".

ويرى محللون مختصون في الحركات الاصولية، ان الذي تشهده جماعة الجهاد المصرية عائد الى ثلاثة اسباب رئيسية :

1- ان اسلوب العنف بحد ذاته اسلوب خاطئ لا يمكن ان يقود الى تغيير المجتمع او تحقيق الغايات التي يمارس من اجلها ، بل بالعكس ادى الى مردودات عكسية على صعيد الفكر والتنظيم .
2- الفشل الميداني الذي اصاب نشاط الجهاز العسكري ، حيث فشل في تنفيذ عدة عمليات من بينها محاولة اغتيال حسن الالفي وزير الداخلية السابق، ود. عاطف صدفي رئيس الوزراء السابق وهو الامر الذي عرضه لضربات الاجهزة الامنية المصرية التي تعاملت معه بمنتهى القسوة .
3- ادت عملية تفجير السفارتين الامريكيتين في نيروبي ودار السلام وتوقيع الظواهري على بيان التأسيس لـ " الجبهة الاسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين " ودخوله في تحالف علني مع اسامة بن لادن الى وضعه وجها لوجه امام استحقاقات " العولمة الامنية " ودخوله في مواجهة مكشوفة مع الولايات المتحدة ، والتي كان من ابرز انعكاساتها عليه قضية " العائدون من البانيا " والتي حوكم فيها 107 من المتهمين الذين جرى تسليم البعض منهم الى مصر في ظل تعاون امني دولي فعال، وهو ما عكس نفسه على وضع التنظيم وادى الى بروز الخلافات داخله

تصاعد وتيرة الخلافات المصادر الامنية المصرية تؤكد ان الخلافات في صفوف الجهاد لم تشكل مفاجأة لها خاصة بعد النجاحات التي حققتها الخطط الامنية في التعامل معه والتي تركز على عزل الكوادر العسكرية في الداخل عن مصادر التمويل والتسليح الخارجية، وهو الامر الذي ادى الى تراجع دور قيادات الخارج حيث لم يبق امامهم الا ممارسة النشاطات الدعائية دون القدرة على تنفيذ اي عمل في الداخل ، وبالتالي لم يبق امامهم الا الاستمرار بالوضع الراهن او الاقرار بالتراجع عن خيار العنف.
ورأت هذه المصادر ان وضع الظواهري هو اكبر دليل على ذلك، حيث هو محاصر مع اسامة بن لادن في افغانستان وقدرته على الفعل والحركة تكاد تكون معدومة، وربما حال تحالفه مع ابن لادن دون الانضمام صراحة لمبادرة وقف العنف، اذا انه سيفقد مبرر وجوده وتحالفه مع ابن لادن .

وقد وصل وضع التنظيم الى درجة من الهزال بات معها غير قادر على تأمين الاتصال بين محمد الظواهري -شقيق ايمن الظواهري ومسؤول العمل العسكري- وزوجته واولاده في اليمن، كما فشل عناصر التنظيم هناك في توفير مأوى لها او الانفاق عليها بحكم الضائقة المالية وهو الامر الذي دفعها الى تسليم نفسها للسلطات المصرية، بعد ان سلمت نفسها واولادها للسفارة المصرية في اليمن في ايلول الماضي .

وحسب ما كشف عنه الاصولي المصري المحكوم عليه بالاعدام، هاني السباعي - والذي تعتقد المصادر الرسمية المصرية انه تولى مسؤولية العمل الاعلامي في تنظيم الجهاد - فان الخلافات تصاعدت عام 1995 حيث طالب اعضاء اللجان الشرعية والسياسية والاعلامية والقضائية واعضاء المجلس التأسيسي باستقالة الظواهري، وازدادت قوة المطالبة في شباط 1998 بعد التوقيع على بيان " الجبهة الاسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين "
ومن الطبيعي ان تتوجه المطالبة الى اقالة الظواهري من قبل قواعد وكادرات التنظيم، ففي ظل الفشل يوجه اللوم دوما الى القيادة بوصفها صاحبة الصلاحية وصانعة القرار.

لكن الظواهري ادرك ان تنحيه في تلك اللحظة معناه مزيد من الشرخ في صفوف التنظيم ولذلك عالج الامر ضمن رؤيته بوقف العمل العسكري .
واضاف السباعي ان اوساط التنظيم اعترضت على سفر الظواهري من السودان الى افغانستان وظهوره مع ابن لادن لانها تدرك أي ثمن ستدفعه مقابل ذلك ثم كانت الكارثة بالتوقيع على بيان الجبهة العالمية وهو ما تم دون استشارة غالبية اعضاء مجلس الشورى .

جماعة الجهاد والعمل العسكريويقول بعض المحللين ان اسلوب العمليات العسكرية ليس اصيلا في فكر واستراتيجية تنظيم الجهاد الذي يؤمن بالعمل الانقلابي، وان ما حصل هو ان جماعة الجهاد انجرت الى هذا الاسلوب دون ان يكون متأصلا لديها.
وقد كشف محامي الجماعات الاصولية في مصر منتصر الزيات النقاب عن ان الظواهري عندما تسلم قيادة التنظيم عام 1991 وضع خططا مستقبلية لم تتضمن تنفيذ عمليات عسكرية داخل مصر لكن ضغوطات بعض العناصر داخل التنظيم هي التي جعلت جماعة الجهاد تبدأ في مثل هذا النوع من العمليات مجاراة لتنظيم " الجماعة الاسلامية " التي بدأت تمارس عملياتها في صعيد مصر .

واكد ان الظواهري اتخذ قرارا سريا بوقف العمليات المسلحة بعد الفشل الذي منيت به عملية خان الخليلي عام 1996 والتي استهدفت فوجا سياحيا اسرائيليا وذلك لاعادة تقييم عمل الجهاز الاداري والعسكري في التنظيم .

وتتقاطع معلومات الزيات مع ما ذكره السباعي من ان العمليات العسكرية كانت نتيجة ضغوط مارسها " الشباب " خصوصا بعد القبض على اكثر من الف من عناصرها في قضية " طلائع الفتح" وتقديمهم الى المحاكمات رغم انهم لم يطلقوا رصاصة واحدة حيث تصاعدت المطالبات داخل صفوف التنظيم بتأييده هذا النوع من العمليات .

ويلفت الانتباه ان الظواهري والقول ما زال للسباعي " اتخذ قرار العمليات العسكرية على مضض ، وبررت الجماعة فعلها بان هذا ليس خرقا لسياستها الاستراتيجية القائمة على الانقلاب العسكري ".

الظواهري : اقالة ام استقالة
وسواء كان الظواهري مقتنعا بالعمليات العسكرية ام لا فالمهم انها جرت في ظل قيادته وبالتالي فهو مسؤول عن مصير هذا النهج اولا واخيرا بحكم موقعه . وهنا تتضارب الروايات بشان الطريقة التي اقصي فيها عن موقعه .
واولى هذه الروايات تصف ما حصل بانه خدعة كتلك التي لجأ اليها عام 1993 عندما روج معلومات عن حصوله على اللجوء السياسي في سويسرا بهدف التغطية على انتقاله مع اسامة بن لادن من افغانستان الى السودان . ويستبعد مراقبون هذه الرواية ، لان الظواهري محاصر في افغانستان ، كما ان ما حدث من تفاعلات وتداعيات داخل تنظيم الجهاد خرج الى العلن وبالتالي لم يعد سرا على احد .

اما منتصر الزيات فيرى ان الظواهري استقال ولم يقل مضيفا انه " يبدو ان الظواهري لم يحسب حساباته جيدا ولم يتوقع ان مجرد توقيعه على البيان والزج بالتنظيم في تحالف مع ابن لادن سيؤدي الى كل تلك الخسائر " . ويؤكد ان الظواهري اتخذ قراره بالاستقالة بعد ما رأى تأثير سياسته على التنظيم مستبعدا قطع صلته بالجماعة وان التخلي عن الموقع الاول جاء نتيجة ظروف الحصار التي يعيش فيها مع اسامة بن لادن في افغانستان .
لكن ما اعلن عنه ايوب والسباعي والخلافات المتصاعدة في صفوف الجماعة ترجح ان الظواهري اقيل ، بل ان مصادر مقربة من جماعة الجهاد وصفت ما حصل بانه انقلاب ادى الى الاطاحة بالظواهري تحت ضغوط قادة الجهاد الذين حملوه مسؤولية ما جرى وما وصلت اليه اوضاعهم .

اعادة الهيكلة
ورفضت مصادر الجهاد الكشف عن خليفة الظواهري رغم انها اكدت حصول تغييرات في " مجلس الشورى " وان التنظيم بصدد عملية اعادة هيكلة واعادة بناء . واضافت انه لم يبق مع الظواهري في افغانستان الا شقيقه محمد وعدد قليل من مؤيديه .
وقد اشارت بعض المصادر الى ان المهندس محمد الظواهري هو امير التنظيم الجديد ، لكن مصدرا اسلاميا مقربا من الجهاد نفى ذلك بشدة، مستندا الى ان من اسباب اقالة الظواهري هو اقامته في افغانستان مع ابن لادن وبالتالي لا يمكن ان يكون محمد حتى لو كان يتمتع بالمواصفات والمؤهلات المطلوبة قادرا على القيام بهذا الدور القيادي بحكم طبيعة الظروف التي يعيش فيها في افغانستان ناهيك عن ان الجماعة بصدد اعادة تقييم علاقتها مع ابن لادن . وهي تسعى للابتعاد عنه وفك عرى التحالف الوثيقة الذي اوقعها به الظواهري معه

ووفقا للترتيب التنظيمي يرجح ان يتولى امارة الجهاد المحامي ثروت صلاح شحاته المحكوم عليه غيابيا بالاعدام مرتين الاولى في قضية محاولة اغتيال رئيس الوزراء السابق د. عاطف صدقي والثانية في قضية " العائدون من البانيا "، حيث كشفت التحقيقات عن اضطلاعه بمسؤوليات وادوار مهمة خصوصا بعد القاء القبض على الساعد الايمن للظواهري في اذربيجان وترحيله الى مصر احمد سلامة مبروك .

وهناك احتمال بان يتم اختيار قائد اخر غير مرصود امنيا من المقيمين في اليمن ، ويستذكر مراقبون ان الظواهري خلف الدكتور سيد امام الذي لم يكن معروفا اسمه الحقيقي بين عناصر التنظيم حيث كانوا يعرفونه بالاسم الحركي (فضل) ولم يتم الكشف عن اسمه الحقيقي الا بعد ان تنازل عن امارة الجماعة للظواهري . وحسب المصادر الرسمية المصرية فان مجلس شورى الجماعة كان يتكون قبل التطور الاخير من :

1- ايمن الظواهري
2- محمد الظواهري يعرف باسم " الاستاذ سمير" و " المهندس "
3- المحامي ثروت شحاتة ويستخدم اسماء " محمد علي " و " ابو السماح " و " ابو محمد "
4- عبد الله محمد رجب عبد الرحمن واسمه الحركي " احمد حسن ابو رغد "
5- عادل عبد القدوس ويعرف بثلاثة اسماء حركية هي " حازم " ، " علاء " ، عثمان "
6- احمد سلامة مبروك المعروف باسم " ابو الفرج المصري "
7- نصر فهمي نصر ويعرف بـ " محمد صلاح " ، " ابو ابراهيم "
8- مرجان مصطفى سالم الجوهري ويستخدم ثلاثة اسماء حركية هي " عيسى " ، "سامي " و "محمود" .
9- ابراهيم العيدروس .
اما المجلس التأسيسي للتنظيم فيتكون من لجان اختصاصية تشرف على العمل وهي :
1- لجنة التنظيم المدني الداخلي : مسؤولها احمد سلامة مبروك ومهمتها متابعة اعضاء التنظيم داخل مصر خارج اطار العمل العسكري .
2- اللجنة الامنية : مسؤولها ثروت شحاته ومهمتها اعداد المعلومات عن اعضاء التنظيم لجهة قدراتهم الذهنية والجسدية والنفسية .
3- لجنة العمل الخاص : ويقودها محمد الظواهري وهي بمثابة القيادة العسكرية .
4- اللجنة الامنية : ودورها مساعدة اعمال لجنة العمل الخاص من حيث توفير المأوى والوثائق والتنقل وتضليل اجهزة الامن .. الخ .
5- لجنة الوثائق : مسؤولها السابق هو شوقي سلامة الذي سلم من البانيا الى مصر، ومهمتها تأمين الوثائق الرسمية والجوازات والتأشيرات لتسهيل سفر اعضاء التنظيم.
6- اللجنة المالية : ومسؤولها كان نصر فهمي وهي مختصة بتوفير الدعم المالي والتبرعات والاشتراكات من اعضاء الجماعة .
7- لجنة اسر المعتقلين : وهي بمثابة لجنة اجتماعية للمعتقلين .
8- اللجنة الشرعية : المسؤول عنها مرجان مصطفى سالم وهي بمثابة دائرة ثقافية في التنظيم حيث تتولى اعداد الابحاث الشرعية .
9- اللجنة الاعلامية : وحسب معلومات السلطات المصرية فان مسؤولها كان هاني السباعي ومهمتها تغطية النشاطات ونشر الكتب الخاصة بالتنظيم وتأمين حضوره في وسائل الاعلام .
وحسب مصدر اسلامي فان هذه التركيبة سوف تتغير وان الجهاد بصدد وضع هيكلية جديدة له .
ويرى محللون ان ما يجري داخل الجهاد الاسلامي في مصر هو مناسبة للوقوف على تجربة العنف الاصولي برمتها ، والتي الحقت الاضرار ليس فقط بتيار العنف وانما بالدولة والمجتمع المصري حيث هناك عشرات الالاف من المعتقلين في السجون ناهيك عن الهاربين والاهم الصورة التي قدم بها الاسلام والخسائر التي لحقت بالاقتصاد المصري .

واذا كان ثمة اخطاء تتحملها الجماعات الاسلامية فان الدولة نفسها معنية بايجاد المناخات السياسية الفكرية والثقافية القادرة على اجتثاث جذور هذه الظاهرة، ولعل ابأس الحلول في التعامل معها هو الخيارات الامنية ليس لانها تولد المزيد من ردود الفعل المضادة فحسب بل ولانها حتى لو نجحت فانها غير قادرة على معالجة الاسباب واجتثاث الجذور، فالتطرف يجب البحث عن مناخاته في الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة التي تؤدي الى شعور فئة معينة بالحرمان والتهميش وهو ما يشكل ارضية خصبة للعنف بغض النظر عن الايديولوجيا التي يتستر وراءها ودون معالجة ديمقراطية قائمة على الاعتراف بالاخر وحقه ضمن ضوابط وقواعد العملية الديمقراطية فان خطر تجدد العنف سيبقى ماثلا .

الظواهري والجهاد
من المفاجآت اللافتة للانتباه في تاريخ "الجهاد "عدم ورود اسم الظواهري في قوائم الاتهام وقضايا العنف الاصولي في الثمانينات واوائل التسعينيات. ففي قضية محاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقي في تشرين ثاني 1993 شملت لائحة الاتهام 15 متهما منهم ستة هاربين لكن اسم الظواهري لم يدرج فيها رغم ورود اسمه في التحقيقات كمحرض وممول للعملية، كما ان الظواهري اعلن عبر بيانات ارسلها بالفاكس انه مسؤول عن اعطاء الاوامر لانصاره في عملية محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق حسن الالفي في اب 1993 .

المصادر الامنية المصرية تؤكد ان عدم ورود اسمه لا يعني انه بريء، لكن المسألة عائدة الى آلية عمل يحرص من خلالها الظواهري على نفسه اكثر من حرصه على اتباعه. فهو يصدر التعلميات بصورة متدرجة حتى اذا ما وقع البعض من المنفذين، او قبض عليهم فان دائرة الاتهام تنحصر بهم وهو ما يعكس عقلية امنية لدى الظواهري عكست نفسها على اساليب العمل .
فمن هو ايمن الظواهري الذي تشير المعلومات الى توليه امارة الجهاد خلفا لسيد امام المشهور بالاسم الحركي فضل في اوائل التسعينات وتحديدا في عام 1991 ؟
الاسم : ايمن محمد ربيع الظواهري
مكان وتاريخ الولادة : القاهرة - 19/6/1951
المستوى التعليمي : التحق بالمدرسة القومية في مصر الجديدة ثم نقل الى المدرسة القومية في المعادي خلال المرحلتين الابتدائية والاعدادية ، وحصل على الشهادة الثانوية العامة من مدرسة المعادي سنة 1968 ، ليلتحق بعدها في كلية الطب في جامعة القاهرة ويتخرج منها عام 1974 .
وكان الظواهري يقيم في منزل الاسرة وعنوانه 10 - الشارع 154 بضاحية المعادي جنوب القاهرة ، والمعروف عن هذا الحي انه للاثرياء .
المنزل عبارة عن فيلا تسكن فيه حاليا والدته السيدة اميمة عبد الوهاب وابنة شقيقته .
له شقيقتان هبه وامينة متزوجتان ، وله ايضا شقيقان هما محمد - مهندس يقيم معه في افغانستان - وحسين الذي يقيم خارج مصر ايضا .

ولغاية اللحظة للظواهري عيادة خاصة تحمل اسمه في شارع 77 في حي المعادي .
- تنقل الظواهري بين عدة دول بعد انتهاء الحرب الافغانية ، وغادر باكستان بعد قرار حكومتها ابعاد الافغان العرب وتنقل بين الخرطوم وصنعاء والفلبين واذربيجان وترددت انباء عن قيامه بزيارة الولايات المتحدة ومكوثه فيها عدة اشهر دون علم الاجهزة الامنية او سلطات الاقامة فيها .

-في الستينيات وفي وقت مبكر كانت له علاقات مع بعض رموز الجهاد وهي حركة وليست تنظيما بالمعنى المتعارف عليه للكلمة، ويمكن وصفها بانها حالة فكرية، ومن هؤلاء يحيى هاشم واسماعيل طنطاوي.
وفي تلك الفترة بدأ التنظير لفكر الجهاد من خلال كتابات سيد قطب وسالم الرحال ثم كمال السعيد حبيب ومحمد عبد السلام فرج ونشأت مجموعات مختلفة عن بعضها البعض ولكنها معا تشكل ما يمكن ان نطلق عليه حركة الجهاد التي قامت على قاسم مشترك بين مجموعاتها هو التشدد في مسألة العقيدة وتبني مبدأ " عدم العذر بالجهل " خلافا لمدرسة الجماعة الاسلامية التي كانت تؤمن به .
- تشير بعض المصادر الى ان ايمن الظواهري انضم الى احدى المجموعات التي كان يقودها اسماعيل طنطاوي عام 1966 - وهذا يدل على انخراطه بالعمل حتى قبل الحصول على الثانوية العامة وفي سن مبكرة - وضمت تلك المجموعة ايضا عصام القمري . وقد سافر طنطاوي عام 1975 الى المانيا وهو ما ادى الى تفكك المجموعة ، فشكل الظواهري مجموعة خاصة به ضمت ايضا شقيقه محمد .

- ويذكر مصدر عرف الظواهري جيدا ان بداياته المبكرة كانت مع يحيى هاشم وكيل النيابة السابق الذي ترك عمله وانخرط في صفوف الجهاد مبكرا وربما كان لمقتله على ايدي الشرطة في احدى المواجهات معها ابلغ الاثر على فكر الظواهري ومسلكه ، حيث كان متأثرا به كثيرا وسلك الطريق الانقلابي بدلا من الثورة الشعبية التي عملت باتجاهها الجماعة الاسلامية . ويضيف هذا المصدر ان ما ميز الظواهري هو اتقانه واحترافه للعمل السري ، وحتى عندما تحالف مع مجموعة عبد السلام فرج بقي يمارس عمله السري الساعي الى القيام بانقلاب عبر تجنيد مجموعة من الجيش او استثمار أي حالة تمرد شعبي واستغلالها في تحقيق الانقلاب الذي يسعى اليه .

- عام 1981 القي القبض عليه ، والذي كشفه شاب صغير يدعى مصطفى عوض حيث قبض عليه ومعه حقيبة فيها بعض الاشياء التي تخص الظواهري اضافة الى اعتراف رفيقيه في السجن .

وتبين اقواله امام النيابة انه نجح في ضم العديد الى التنظيم ومن رموزه في تلك الفترة محمد عبد الرحيم ، سيد امام ، امين الدميري ، نبيل البرعي ، خالد مدحت الفقي ، خالد عبد السميع ، مصطفى كامل مصطفى وعبد الهادي التونسي ومحمد الظواهري ، والثلاثة الاخرون كانوا موجودين في احدى الدول العربية . وحسب اقوال الظواهري فان : الامن لم يكن يعرف عنا شيئا .
-ومن الذين عرفوه في السجن يتحدث كمال حبيب - العضو في مجموعة سالم رحال والذي حكم عشر سنوات في ذات القضية - حيث يصف الظواهري بانه شخص هادئ جدا ، مؤدب له فكر استراتيجي اكثر من كونه مفكرا او صاحب اجتهادات فقهية او حتى طالب علم .

اما منتصر الزيات الذي سجن في ذات القضية ضمن اعضاء تنظيم الجهاد الذي يرأسه الظواهري فيقول انه قابله للمرة الاولى في سجن طرة وامضيا معا ثلاث سنوات داخل اسوار السجن واهم ما كان يميزه الهدوء والاتزان ، ولكنه في الوقت نفسه صارما واتخذ موقفا حازما من ولاية الدكتور عمر عبد الرحمن امير الجماعة الاسلامية والاتحاد الذي نشأ بين الجهاد والجماعة . وكان الظواهري يعارض ولاية عبد الرحمن - لا ولاية لضرير .

- بعد خروجه من السجن عام 1984 مارس حياته بشكل طبيعي وعمل في عيادته الخاصة في المعادي وفي الوقت نفسه كان يدرس ما حصل في الماضي محاولا الاستفادة من الاخطاء ، ويقول المقربون منه انهم كانوا يشعرون انه مصمم على مغادرة مصر .
- اقام مع زوجته التي تزوجها عام 1979 بالقرب من مسكن اسرته ثم غادر مصر عام 1985 الى مدينة بيشاور في باكستان ليعمل كطبيب يعالج جرحى " المجاهدين " الذي اصطلح على تسميتهم بالافغان العرب .

- ثم تطور الامر الى افتتاح مركز خاص لتنظيم الجهاد في بيشاور تحت اسم "مكتب الجهاد الاسلامي " وكان ذلك عام 1987،واصدر مجلة شهرية باسم " الفتح " ، وبدأ بالتعرف على اسامة بن لادن وعبد الله عزام الذي يبدو انه هو الذي قدمه لاسامة بن لادن و واعوانه وشجع عزام رؤيته لجهة استغلال الوضع القائم في الساحة الافغانية لتدريب كوادر الجماعات الاسلامية واعادتهم الى بلدانهم . وتوطدت علاقته مع ابن لادن الذي عرفه على حكمتيار وقدمه لحركة طالبان بوصفه احد قادة المجاهدين المصريين وانه يمتلك فكرا استراتيجيا ازاء قضية الجهاد وسمح له بانشاء دار ضيافة للقادمين العرب سميت "ببيت القاعدة " وربما من هنا جاء اسم تنظيم ابن لادن القاعدة .

والمعروف ان عبد الله عزام وهو فلسطيني قتل مع اثنين من ابنائه في عملية ثارت حولها تكهنات كثيرة لدرجة ان الشكوك وصلت الى ابن لادن نفسه لانه لا يريد لعزام الذي كان يطلق عليه " امير المجاهدين " ان ينافسه .

- عند انتهاء الحرب الافغانية بدأ " الافغان العرب" بالعودة الى بلدانهم وتشير معلومات الاجهزة الامينة المصرية الى القاء القبض على اكثر من 800 عنصر اتهموا بانشاء تنظيم " طلائع الفتح الاسلامي" وحسب رواية احد المصادر المقربة من الجهاد فان الظواهري التقى في افغانستان مع شاب مصري يدعى عدي يوسف وكنيته " صهيب المصري" ثم عاد عام 1985 بتكليف من الظواهري الى مصر بعد ان اصبح خبيرا في المتفجرات وحرب المدن ليجند الشباب المصري وخاصة في الصعيد للجهاد في افغانستان. وعرف من بين الذين استجابوا له طلعت فؤاد قاسم وهو خريج هندسة من جامعة المنيا وشملته قائمة الاتهامات في قضية الجهاد الكبرى عام 1981 وكان ترتيبه فيها الحادي عشر أي قبل الظواهري وحكم بالسجن 7 سنوات هرب بعدها عام 1988 الى السودان ومنها الى صنعاء ثم كراتشي مرورا بدبي. وبرز اسمه كمنافس للظواهري على ثقة ابن لادن وانضوى في لوائه - الجماعة الاسلامية - محمد شوقي الاسلامبولي ، مصطفى حمزة ، طلعت ياسين همام .

-يذكر ان الظواهري لم يسافر من مصر الى افغانستان مباشرة بل سافر اولا الى جدة في اواخر عام 1985 بعد ان كسب محاميه قضية منعه هو وامين الدميري من السفر ، حيث تعاقد كطبيب مع مستوصف ابن النفيس في جدة وبقي هناك حتى اواخر عام 1986 ثم انتقل الى افغانستان كطبيب .

ونمت علاقته مع ابن لادن بعد ان اخذ يلقنه فكر الجهاد وحاصره بمجموعة من اقرب رجالاته مثل ابو عبيدة البنشيري الذي غرق في بحيرة فيكتوريا في افريقيا، ابو حفص المصري وهو الذي تطالب به امريكا كساعد ايمن لابن لادن، وسعيد سلامة الذي كان مسؤولا عن مشروعات ابن لادن في السودان ، أي انه سيطر عليه ماليا وفكريا، واصبح نصيب الاسد من الدعم المالي له في حين كان الفتات يوجه للجماعة الاسلامية .
وايا تكن المحطات التي مر بها الظواهري في حياته فالمحصلة هي الوضع الذي يعيش فيه الان مطاردا معزولا في افغانستان .