A+ A-
توطين الفلسطينيين في لبنان

2008-04-19

منذ انطلاق ظاهرة "فتح الاسلام" وانتهائها بتدمير مخيم نهر البارد، عادت لتروج احاديث مزمنة عن توطين فلسطينيي لبنان.ولما كان رواج احاديث التوطين مرتبطا بالمنعطفات السياسية الحادة التي مرت على لبنان، فمن غير شك ان كثافة الاحاديث مؤخرا لها دلالتها، إذ اخذ الجدل حيزا هاما في خلافات الموالاة والمعارضة، حيث تحذر هذه الاخيرة من ان الحكومة ماضية في التساوق مع مخطط التوطين، وهو ما تنفيه الحكومة.

وعلى اية حال تزداد خشية فلسطينيي لبنان من أن يكون وراء ادارة الحديث مجددا عن التوطين، ان تكون بانتظار بعض مخيماتهم كوابيس قادمة على غرار الكوابيس السالفة التي كان آخرها تلك التي لحقت باخوانهم في الشمال، خصوصا ان رفض التوطين، أو حتى الدعاوى لتحسين ظروف اللاجئين ارتبط في الذاكرة بالتهجير بكافة سبله.

واللافت اليوم أن المعارضة المسيحية هي من اخذت تحمل لواء التحذير من التوطين، في حين أن المولاة المسيحية التي كانت دوما تحمل فزاعته، وكانت تستهدف الفلسطينيين هي من تستبعده، بل ويتبرع زعيم القوات اللبنانية سمير جعجع للمبادرة بالقول إن واشنطن ترفض التوطين في لبنان، وانها في اطار اعلان موقفها هذا. واما البطريركية المارونية التي ليست بعيدة عما يجري فيبدو أنها بحسب تقديرات البعض اكثر تساوقا مع جانب الموالاة المسيحية علما بأن مجمع المطارنة سبق له ان حذر في حزيران/يونيو 2007 من ان "التوطين يظهر مرة بطريقة مغلفة ومرة بطريقة سافرة، وهذا فخ للبنان وللقضية الفلسطينية".
 
وفي التاريخ عينه كشف البطريرك الماروني النقاب عن "ان هناك بعض اللبنانيين يرفض التوطين والبعض الآخر قد قبل به".
وبالمقابل يواصل الجانب الفلسطيني الرسمي نفيه القبول بالتوطين، ويصر الرئيس محمود عباس على رفض فرض التوطين على لبنان بما يغيره ديمغرافيا، ولكنه يستدرك "سنجد حلا يرضي الفلسطينيين في لبنان ويرضي لبنان"، في وقت يقول فيه امين سر حركة فتح في لبنان سلطان ابو العينين "ان الفلسطيني الذي يعيش بكرامته يسهم في تعزيز السلم الأهلي في لبنان".

وبانتفاء امكانية اقرار حق العودة على ارضية حديث الرئيس بوش عن يهودية اسرائيل، تندفع تساؤلات لا حصر، لها حول مصير فلسطينيي لبنان، خصوصا ان من البديهي القول إن معادلة اسقاط حق العودة تعني او تساوي التوطين أو التهجير، خصوصا أن فلسطينيي لبنان واغلبهم ممن ولدوا فيه اليوم بحاجة للاقرار بهم كبشر لهم كرامة في محيطهم. ولما كانت الكرامة لا تستوي دون وطن، فهذا يعني ان كرامة الفلسطيني في لبنان لن تكون الا بنيله حقوقا ابرزها العمل والتملك، وتضفي عليه صفة المواطنة بغض النظر عن اقرارها رسما، وهي تعني الكثير في بلد قام على تركيبة طائفية يصعب فيها قبول الغريب على التكوينة، الا اذا فرض عليها كما هو حال لبنان الذي نشأ على فرض تكوينته من الخارج، كون لبنان لم يمتلك ناصيته وقرارة نفسه منذ نشوئه في القرن التاسع عشر.

والحديث عن التوطين يندرج في اطار مشروع الشرق الاوسط الكبير، وهو المشروع الذي يقتضي ايضا حل المشكلات العرقية والطائفية، بحسابات معقدة قد تقتضي التهجير واعادة الاحلال والتوطين. فالحال المسيحي في العراق وما يتعرضون له من اضطهاد، ويصعب في المنظور ايجاد حل مستقر له، بات يستدعي ايضا الوقوف امامه في اطار احداث سلسلة من التغيرات في بنى الدول ودساتيرها، وبما يمكن على سبيل المثال من تامين مأوى مستقر لمسيحيي الشرق في المناطق المتوترة كالعراق في مناطق كلبنان مثلا تعاني من مخاوف اخلال التوازن فيما اذا جرى احداث تغييرات هدفها البعيد توطين الفلسطينيين بما لا يخل تركيبته.

ومهما قيل عن الفلسطينيين كغرباء ومصيرهم الى عودتهم لبلادهم او التهجير قسرا، الا ان اللبنانيين باطنا يقرون بأن الفلسطينيين هم رقم اساسي وحقيقي في المعادلة، رغم عدم الاعتراف به منذ ستين عاما.
والحق يقال إن موالاة لبنان التي تمتلك القرار حاليا نضجت للاقرار بالتوطين اكثر من اي فترة مضت، فحال الفوضى والدفع اليها، طبيعية كانت ام مفتعلة، والانحباس الاقتصادي الخانق، وتراكم الديون، تدفع للقول إن النخب السياسية وللحفاظ على مقومات سلطتها مستعدة لمقايضة التوطين بخلق المناخات الاقتصادية المشجعة، وهذه النخب تعي بحكم التجربة الدموية ان لا قوة في لبنان بوسعها شطب الاخر، مهما لقيت دعما من ذات اليمين او ذات الشمال، وأن الصراع في لبنان لن يكون بين مسيحيين ومسلمين في وقت ينقسم فيه المسلمون على طوائف متناحرة لا احد يستطيع نفي الاخر فيها.

وبينما يتبجح اللبنانيون والفلسطينيون أن التوطين هو من المحرمات، يعتقد مراقبون أن المخيمات مقبلة على جولة جديدة من الصراع بين الموالاة والمعارضة هدفها تهجير ما يمكن تهجيره أو اعادة تموضع ما يمكن موضعته من الفلسطينيين، الا اذا جرى الاتفاق على سلة اتفاقات اقليمية بين طهرن وواشنطن، او استجدت اغراءات تُلبي طموحات دمشق فتدفعها للتنحي جانبا عن حليفتها طهران.

عون يرفع لواء التحذير من التوطينتخلص أوساط المعارضة اللبنانية إلى التأكيد على أنهم في إطار المراحل النهائية لكشف تقارير تتعلق بالتوطين بتفاصيلها.
وراهنا يعد رئيس تكتل التغيير والإصلاح ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ابرز حاملي لواء التحذير من التوطين، حيث اتهم الحكومة بأنها "اتخذت قرار توطين الفلسطينيين". ويدعي ان الخلاف في لبنان ليس على رئاسة الجمهورية وانما على التوطين، وخصوصا بعد تصريحات الرئيس بوش عن يهودية اسرائيل، وجزم رفض اسرائيل عودة فلسطينيي لبنان.

وقد سبق للعماد أن إتهم رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري بأنه كان يعمل للتوطين في لبنان، مستنداً بذلك إلى وثيقة رسمية من المحفوظات الأمنية للأمن العام، تحمل الرقم 7262، وتعود الى 22/12/2000.
 
وبحسب الوثيقة فانه في مساء 17 كانون الأول من العام 2000 عقد لقاء في منزل الرئيس الحريري حضر قسم منه الوزير غازي العريضي والامين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي ويوسف النقيب والدكتور خالد صلاح الدين عديل القاضي سعيد ميرزا، وان الرئيس الحريري وبعد مغادرة الوزير العريضي قال إنه لا يرى إمكانية للهروب من التوطين وأن مصلحة البلاد هي في مزيد من الإستدانة لأن كافة الديون ستمحى عندما سيفرض التوطين.

وفي رده على الوثيقة شكك الشيخ سعد الحريري رئيس كتلة تيار المستقبل بصحتها، واعتبر ان عون "يريد اغلاق أبواب الحوار الذي يزعم المطالبة به بأي شكل من الاشكال، مستخدماً اي وسيلة، بما فيها استحضار وثيقة من اعداد وتركيب اجهزة المخابرات في عهد الوصاية السورية".
وفي نفس النسق الذي مضى اليه عون، سبق ايضا لامين عام حزب الله ان قال "إن مشروع توطين الفلسطينيين في لبنان هو جدي جدا جدا، وأن لديه أدلة وقرائن على ذلك".
كما حذر "الاتحاد من أجل لبنان" للتحذير من "أن خطر التوطين يخيم على لبنان نتيجة ما يجري في المنطقة وتحديدا ما يتعرض له مسيحيو العراق من اضطهاد وقتل يؤديان الى تهجيرهم من بلاد ما بين النهرين بعد تهجير إخوانهم من الأراضي المقدسة". وقال إن" كل هذا يجري تحت ستار من الصمت الخبيث وسكوت الأقربين والأبعدين من دون أي تحرك من العالم الحر لحمايتهم وصون هذه الأقليات المتجذرة في الزمان والمكان كونها تمثل الشعوب الأصلية صاحبة هذه البلاد".

وقد عاود عون مؤخرا للحديث عن التوطين بالتزامن مع تقديم 44 شخصية مسيحية لبنانية، اعتذارا تجاه اللبنانيين عشية الذكرى الـ 33 للحرب الاهلية اللبنانية التي اندلعت في 13/4/1975، وجاء تحت عنوان " نداء الى الاخوة الفلسطينيين في لبنان". وكان عباس زكي، ممثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لدى الجمهورية اللبنانية، قدم اعتذارا بهذا الشأن في 7/1/2008.

واتهم عون الحكومة بشراء اراض في محميات هي الاجمل في لبنان، لانشاء مخيمات جديدة، من خلال عملية دمج وانصهار الفلسطيني، وذوبانه في فيسفياء الخارطة الديمغرافية اللبنانية، وبذلك يفقد الفلسطيني تماسكه الذي يشكل منه قوة اعتراضية على مشروع التوطين. واستهجن التباكي على سرعة اعادة اعمار مخيم نهر البارد، وعودة اهاليه اليه، واستند في ذلك بقوله "هناك لبنانيون مهجرون منذ اكثر من 20 سنة من جبل جنبلاط، لم يسأل احد عنهم، لماذا الاستعجال على البارد في اقل من سنة".
ويجدر الذكر انه في اوائل العام الجاري اثيرت تساؤلات عن عمليات بيع واسعة للأراضي في منطقة غرزوز ( 50 كم شمال شرق بيروت ، منطقة جبيل )، وتباعا فيما يتصل بتكثيف التيار الوطني الحر الذي يتزعمه العماد عون للتحذير من التوطين، فقد اطل النائب اللبناني شامل موزايا، احد قياديي التيار والقائد الأسبق للواء الخامس في الجيش اللبناني، مدعيا وجود وثائق تظهر كيف احتالت جهات في الحكومة اللبنانية على القانون، حين عملت على تقسيم الأراضي المعنية إلى 30 قطعة، بحيث يمكن بيعها ـ في هذه الحالة ـ دون الحاجة إلى مرسوم وزاري كما يقضي القانون.
وقال موزايا إنه حصل على صورة عن وكالة بيع باسم الفلسطيني ـ الأردني لؤي صويص، يتملك بموجبها جميع الأراضي التي جرى بيعها مؤخرا في غرزوز، ومضى في ادعاءه ان صويص خفف الآن من مساعيه لشراء قطعة أرض جديدة في منطقة قريبة من المكان المشار إليه تصل مساحتها إلى 120 ألف متر مربع، بعد الفضيحة التي اثيرت. وكشف موزايا النقاب عن أن حوالي 45 ألف أجنبي تملكوا أراض في لبنان، لافتا إلى أن هناك مشروعا من هذا النوع في البقاع يقضي بفرز مساحة حوالي مليون متر مربع وتحويلها الى قطع صغيرة معلناً أنه ينتظر الوثائق التي تثبت ذلك.
وقال موزايا "إن واضع نصّ قانون التملّك الذي يسمح بشراء نسبة 3 % من الأراضي التي تصلح للبناء، كان يتمتع ببعد نظر واسع ويريد أن يطرد المسيحيين من لبنان، لأن هذه النسبة تسمح بتملك مليون و350 ألف أجنبي في لبنان، أي ما يقارب الـ 45% من عدد سكان لبنان ".
وتحدث تقرير عن ان عدد الشارين الاردنيين 21 شخصا، منهم ستة نساء و 15 رجلا اشتروا ما مجموعه 32 عقارا، وبين الشارين امرأة من التابعية الفرنسية هي نورا الصايح التي اشترت العقار رقم 984، وبلغ سعر المتر المربع الواحد عشرة دولارات استنادا الى عقود البيع الموقعة.

وبينما كشف موزايا عن قائمة ادعى انهم فلسطينيون اردنيون وضمت رمزي فتحي محمد أبو طالب، عماد محمد بدران، مروان محمد الحايك، عمار خلدون عبد الفتاح، أشرف أحمد يحيى سماوي، وباسم سليم الحكيم، الا انه لم يشر عن الـ 35 أسما آخر، معتبرا ان الامر يتعلق بنواة بلدة او مخيم.

وقد طعن تقرير آخر في صدقية موزايا، وقال إنه ذكر اسماء ستة من الشارين تدل على انهم مسلمون، لكنه تجافى الاشارة الى ان بين الشارين عشرة مسيحيين، مثل زكي بطرس نورسي ونهلا توفيق جرجس وغسان حبيب نصر، وغادة عيسى المعشر، واما باسم جميل المعشر الذي تلا موزايا مقاطع من عقد بيع باسمه، فهو مسيحي ارثوذكسي اردني. وقد اشترى العقارين 999 و 1000 اللذين تقدّر مساحتهما بـ 1860 مترا مربعا، بلغت قيمتها 18600 دولار اميركي، واستنادا الى المحامي جان عازار، فهو صاحب البنك الاهلي الاردني. واذا كانت عائلة المعشر هي من العائلات المعروفة والثرية في المملكة الاردنية وهي مالكة فندق "ماريوت" بيروت، فإن الشارين الاخرين ليسوا اقل شأنا، مثل رمزي ابو طالب الذي كان والده قائدا للجيش الاردني، ومروان عطاالله وكيل شركة "بيوينغ" في الاردن وصاحب مدرسة طيران ومن المستثمرين في منطقة خليج العقبة، وعمار ملحس وكيل سيارات "جاغوار" في الاردن ورانيا الخالدي التي يملك اهلها مستشفى في الاردن.

وبدورها ادعت قناة المنار ان أراضٍ مماثلة بين البترون وكفرعبيدة تم شراؤها من قبل أشخاص أردنيين عبر الوكلاء والسماسرة والشهود ذاتهم على صكوك البيع، ويعملون حالياً على شراء أراضٍ جديدة بين بخعاز والبربارة. وقد استغرب السفير الأردني في لبنان زياد المجالي زج اسم بلاده، واعتبر"ان الامر برمته محاولة استغلال رخيصة ومحاولة للزج بالاردن في السجالات اللبنانية."، وقال "ان المسألة بسيطة جدا ومن المعيب التحدث عن التوطين"، وشرح ان القادرين على الشراء في لبنان "هم من الاثرياء والقادرين على الاستثمار في الخارج والذين يودون بناء فيلا في لبنان لتمضية بعض الوقت". واضاف "ان الكلام على توطين الفلسطينيين في لبنان امر معيب في حق مطلقيه، لأن كل العرب اتفقوا على اولوية حل قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بسبب وضعه الديموغرافي الدقيق".

صندوق تعويض للاجئين

طالب عون الحكومة بتحديد موقفها "وبالأخص ان الرئيس الاميركي طلب انشاء صندوق للتعويض على الفلسطينيين يحل محل اونروا."

وقد اثنت مصادر فلسطينية على ما جاء في تقديرات عون بشأن التوطين، ومضت الى ان لديها معلومات موثوقة تشير الى ان بوش أبلغ كلا من أولمرت وعباس، أنه سيحمل أثناء زيارته إلى إسرائيل، في 15 أيار/مايو المقبل، "بشرى" إضافية، لدفع مشروعه للتسوية قدماً إلى الأمام. وتتضمن الـ "بشرى" اطلاق تصور مشترك بين بوش- أولمرت - عباس، بشأن التسوية النهائية، على أن تكون الحرب الاقليمية الشاملة بديلا عن سقوط او تعثر التصور المشترك. وفي تقديرات المصادر ان الفترة ما بين 15 أيار/مايو وأواخر تموز/ يوليو القادمين، فترة حرجة وهي الأكثر خطورة على المنطقة، وأنه "إذا لم تقع الحرب في هذه الفترة، نكون ربحنا وقتاً إضافياً، في انتظار مشاريع حروب أكثر تهوراً، أو في انتظار مشاريع حلول، أقل جنوناً".

وعلى حد ادعاء ذات المصادر فإن من تفاصيل "البشرى" نفسها، إطلاق صندوق دولي لتعويض اللاجئين، تكملة لما كان قد أعلنه بوش في هذا الصدد، أثناء زيارته الماضية إلى إسرائيل في 13 /1/2008. وزعمت ذات المصادر أن مسؤولاً أوروبياً رفيع المستوى، أكد لها أن الصندوق سيكون برأسمال قدره مئة مليار دولار، وفق التفسير الإسرائيلي لقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، الرقم 194، كما لتقديم حوافز مالية واقتصادية للبلدان المعنية باللاجئين واستيعابهم ودمجهم. ومضت ذات المصادر في نسبها للمسؤول قوله إن الدول العربية النفطية، ستساهم بنصيب الاسد بـ 60%، ومن ثم اليابان بـ 25%، والمجموعة الأوروبية بـ15%.

وتلفت ذات المصادر الى أن هناك سلسلة الاجراءات التي تواكب ذلك، وبضمنها إعادة النظر في قوانين الجنسية في العديد من الدول العربية المعنية بخطوة استيعاب اللاجئين. وأن ثمة دول عربية أقرّت قبل حين تعديلات على قوانين الجنسية الخاصة بها، تأخذ بمبدأ "رابطة الأرض"، كأساس لمنح جنسيتها، للمقيمين فيها منذ عام 1965، من دون أن تلحظ أي استثناء لناحية اللاجئين الفلسطينيين لديها، علماً بأن المعنيين بهذه الإقامة الأجنبية الطويلة في تلك البلدان، ليسوا غير هؤلاء بنسبة ساحقة. وادخلت ذات المصادر التعديلات التي تسمح للمرأة باعطاء جنسيتها لاولادها على انها اجراءات تطال الآف الفلسطينيين. ولم تغفل ذات المصادر القول أن إرساء مناخ من الهشاشة السياسية والاقتصادية والأمنية، في الدول المحيطة بإسرائيل، هو لجعلها أكثر تجاوباً وطواعية مع المشروع.

ويجدر الذكر ان احد زعماء المعارضة اللبنانية سبق له ان ادعى وجود اجتماعات في مقر السفارة الكندية في برلين لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع توطين الفلسطينيين، "ليس فقط في لبنان، بل في الدول العربية جميعها. "وقال إن "هذه الاجتماعات تجري برعاية أوروبية وأميركية ومشاركة من بعض الدول العربية". ومضى الى ان المشروع يتضمن عدة محطات مفصلية أبرزها تأمين الأرضية في الدول المعنية بالتوطين، وعلى رأسها لبنان بوصفه مفاوضا ضعيفا لا يملك أي ورقة سياسية أو اقتصادية تمكنه من تحسين شروطه.

وفي تقدير المصادر المعارضة المشار اليها انفا فإن "المشروع المعد لتوطين الفلسطينيين في لبنان سيجري تنفيذه على مراحل، فالمرحلة الأولى تقضي بإحلال الفوضى المنظمة، ورفع نسبة الدين العام، بما يشكل أوراق ضغط على اللبنانيين، ويدفعهم إلى الانقسام حول الإبقاء على الدين العام أو خفضه في مقابل تقديم بعض التنازلات بهذا الخصوص" ويرى المصدر ان هذه المرحلة باتت جاهزة بالكامل.

وعلى حد توقع المصادر ذاتها فإن المشروع يستلزم سنوات لتطبيقه يبدأ بإعطاء الفلسطينيين المقيمين في لبنان أوراق ثبوتية بمثابة إقامة دائمة تخولهم الحق بالعمل أسوة بالعمال الأجانب. وتتضمن المرحلة بالتوازي مع ذلك إعداد مجمعات سكنية مدنية بالكامل بإشراف السلطات اللبنانية بما يمنع من تشكل أحزمة فقر وعصيان وما شابه ذلك من عوامل تؤدي إلى التسلح، وتضمن هذه المرحلة حرية الانتقال من لبنان إلى دول المحيط العربي، أسوة بغيرهم من العرب، وذلك وفق فرص عمل محددة وإغراءات مالية واجتماعية على غرار الاعتراف بحق لم الشمل العائلي.

واما الخطوة التالية على حد تأكيدات المصادر فتقضي بإعطاء الحق للمقيمين على الأراضي اللبنانية منذ أكثر من عشر سنوات الحقوق المدنية كافة ماعدا الحقوق السياسية، بما يسمح لهم بالتعاقد الوظيفي مع الدولة، وبالتالي إندماجهم في الدورة الاقتصادية اللبنانية. على ان يصار لدمج الفلسطينيين بالمجتمع اللبناني في الخطوة الثالثة، من خلال حق الجنسية لمستحقيها ممن التزموا القوانين اللبنانية لعشر سنوات متتالية بما فيها قانون الضرائب، مع الإشارة إلى بعض التسهيلات بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية على غرار السماح بالجنسية للولادات من أمهات لبنانيات.