2011-04-21
اقترح مركز القدس للدراسات السياسية مسودة مشروع لقانون الإنتخابات النيابية، وذلك في إطار الجهود التي يقوم بها المركز مع مختلف القوى البرلمانية والحزبية والقانونية والفكرية ومنظمات المجتمع المدني لتعديل الإطر والتشريعات الناظمة للحياة السياسية في المملكة.
وفي مسودة المشروع التي ناقشها المركز مع نخبة من الشخصيات السياسية والبرلمانية والحزبية والأكاديمية ونشطاء منظمات المجتمع المدني، يقترح المشروع اعتماد النظام الإنتخابي المختلط الملائم لاحتياجات النهوض بالحالة السياسية والحزبية الأردنية والذي يجمع بين دوائر فردية وقوائم نسبية لكل منهما نصف مقاعد مجلس النواب، مع حق المواطن في الترشح في دائرة فردية وضمن قائمة نسبية في الوقت نفسه. ويكون للناخب صوتان؛ صوت يدلي به لمرشح في دائرته الانتخابية وصوت يدلي به لقائمة نسبية يختارها.
وحسب المقترحات الوارد في مسودة المشروع وتحقيقاً للصفة التمثيلية والمساواة النسبية بين المواطنين، فإن إعادة هيكلة الدوائر الانتخابية لتصبح دوائر فردية، يتطلب أن يراعي تشكيل تلك الدوائر معايير متوازنة تأخذ بالاعتبار عدد السكان، والبعد التنموي شاملاً المساحة الجغرافية والبعد عن العاصمة، إضافة إلى تمثيل الطيف السكاني، ومراعاة التقسيمات الإدارية، والتواصل الجغرافي بين مكونات الدائرة الواحدة، على أن لا يزيد الفرق بين عدد سكان الدوائر على ما نسبته 25 في المئة بين الحد الأدنى والحد الأعلى.
وفيما يتعلق بتشكيل القوائم النسبية تؤكد المسودة المقترحة انه يجب أن تتمتع بأعلى درجات المرونة بما يلائم ظروف المرشحين، حيث يمكن تشكيلها من حد أدنى قوامه ثلاثة مرشحين وحتى العدد المخصص للقوائم النسبية، كما يمكن تشكيلها من حزب أو ائتلاف أحزاب، ومن مستقلين أو مستقلين وحزبيين.
وفي التفاصيل المقترحة فيما يتعلق بتشكيل القوائم ، تكون القائمة النسبية قائمة مغلقة، وتقدم القوائم الراغبة بالمنافسة على مقاعد التمثيل النسبي لائحة باسماء مرشحيها مرتبة تسلسلياً لاعتمادها وتصديقها من قبل إدارة الانتخابات. ويحق لأي عدد من المرشحين لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد عن نصف عدد مقاعد مجلس النواب، أن يشكلوا قائمة للتنافس على مقاعد التمثيل النسبي. ويمكن أن يشكل القوائم النسبية حزب سياسي أو أكثر، أو مستقلون، أو ائتلاف من أحزاب ومستقلين. وترتب القوائم أسماء أعضائها بحيث لا تكون الأسماء الأربعة الأولى ومضاعفاتها من جنس واحد.
وانطلاقاً من حقيقة أن نزاهة وشفافية العملية الانتخابية تتوقف على إدارة الانتخابات، تقترح المسودة إناطة إدارة العملية الانتخابية بهيئة مهنية دائمة، محايدة ومستقلة، تتسم بالاحترام الواسع، وتتمتع بالصلاحيات القانونية والقدرات البشرية والإدارية الكفيلة بضمان حرية ونزاهة الانتخابات وشفافيتها، وبتعزيز شرعية الانتخابات والمجالس المنبثقة عنها، ومن ذلك وضع القواعد الخاصة بالإنفاق المالي على الحملات الانتخابية وقواعد الدعاية الانتخابية في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، ووضع الإطار الملائم لمراقبة المرشحين وممثلي المجتمع المدني المحلي والدولي ووسائل الإعلام للعملية الانتخابية.
وتكريساً لاستقلالية هذه الهيئة، تقترح المسودة أن تتألف الهيئة من تسعة أعضاء، يتم اختيارهم من بين 15 مرشحاً، يجري اختيار خمسة منهم مكن قبل مجلس النواب وخمسة آخرين يتم ترشيحهم من قبل مجلس الأعيان، وبقية الأعضاء يختارهم المجلس القضائي الأعلى، على أن يتم الاختيار من بين شخصيات مشهود لها بالكفاءة والاستقلالية والاستقامة والنزاهة، وأن يتم أختيار المرشحين بموافقة غالبية أعضاء المجالس الثلاثة (النواب والأعيان والقضاء)، ويكون الأعضاء الستة الباقون أعضاء احتياطيين.
وفيما يتعلق بالمقاعد المخصصة للبدو ،تقترح المسودة ان يستوعب القانون الجديد عملية دمج دوائر بدو الشمال والوسط والجنوب في المحافظات التي تتبع إليها، محتفظة بعدد المقاعد المخصصة لها، وحينما يعاد توزيع الدوائر الانتخابية لتشكيل دوائر فردية، ينطبق على تلك المحافظات ما ينطبق على سائر المحافظات في المملكة. وذلك انطلاقاً من أن البداوة كنمط حياة وإنتاج لم يعد قائماً في المملكة منذ زمن.
وفيما يتعلق بـ (الشركس والشيشان – المسيحيين ) تقترح المسودة إطلاق حرية هذه الفئات في الترشح في أيٍ من الدوائر الفردية أو القوائم النسبية دون أي قيود، أما إذا لم تحرز هذه الفئات الحصة من المقاعد التي كانت مخصصة لها كاملة، فإن المسودة المقترحة تسمح باستكمال تلك الحصة بما يعرف بالمقاعد التعويضية من بين المرشحين غير الفائزين في الدوائر الفردية وفق قاعدة أفضل الخاسرين، أي الذين كانوا الأقرب إلى الفوز في دوائرهم.
أما بخصوص الحصة المحفوظة من المقاعد للمرأة، فإن المقترحات تؤكد انه لا يجب أن توضع أية قيود على حق النساء في المنافسة على جميع المقاعد المخصصة للدوائر الفردية، على أن يضمن حداً أدنى من الترشيحات ضمن القوائم النسبية من خلال إلزام القوائم بترتيب أسماء أعضائها بحيث تكون هناك امرأة مرشحة على الأقل بين كل أربعة ترشيحات، وقد ورد النص على ذلك بصيغة محايدة تشترط أن لا تكون الأسماء الأربعة الأولى ومضاعفاتها من جنس واحد، وهذا يضمن من حيث المبدأ هذا الحق للنساء وللرجال على قدم المساواة.
ولضمان التطبيق العملي لمبدأ عمومية الانتخاب والترشيح، تقترح المسودة تحديد سن المرشح بخمس وعشرين سنة بدل ثلاثين سنة في القوانين السابقة، وتحديد سن الناخب بحيث يحق لمن أكمل ثماني عشرة سنة من عمره في اليوم السابق لليوم الذي تقرر إجراء الانتخاب فيه ممارسة حقه في الانتخاب، وتمكين الناخبين المقيمين خارج المملكة والموقوفين إداريا وقضائياً من ممارسة حقهم في الاقتراع من خلال وضع الترتيبات اللازمة لضمان ذلك بكل نزاهة وحيادية، إضافة إلى السماح لكل من كان محكوماً عليه بالسجن مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية وصدر عفو عنه بالترشح لعضوية مجلس النواب بغض النظر عما إذا كان العفو عاماً أم خاصاً وذلك إنفاذاً للنص الدستوري (المادة 75/1/هـ).
وفيما يخص الأحكام المتعلقة بإجراءات التسجيل في جداول الناخبين، فإنه تجسيداً لارتباط تحديد الدائرة الانتخابية بالسكان فيها، تقترح المسودة ان يتعين حصر تسجيل الناخبين في الجدول الانتخابي بالناخبين المقيمين في الدائرة الانتخابية منذ ما لا يقل عن ستة أشهر.
وجاء في الاسباب الموجبة ان قانون الانتخابات يشكل حجر الأساس في النظام الديمقراطي، ولعل هذا ما يفسر كيف أن فرض نظام الصوت الواحد العام 1993، قد أسفر عن تجميد عملية التحول الديمقراطي التي دشنتها انتخابات مجلس النواب الحادي عشر (1989-1993)، وأطّرها الميثاق الوطني الأردني (حزيران 1991). وإدراكاً لهذا الخلل وانعكاساته السلبية على الحياة السياسية والحزبية في المملكة، أُطلقت العديد من المبادرات الرسمية والأهلية خلال العقد الأخير، والتي شددت على ضرورة إصدار قانون انتخاب ديمقراطي عصري كمدخل لعملية الإصلاح السياسي المنشود، واتجه الحراك السياسي ذو الصلة بقانون الانتخاب إلى المطالبة بجملة من التعديلات الجوهرية، جاء في مقدمتها استبدال نظام الصوت الواحد بنظام الانتخاب المختلط.