كلمة نقيب الصحفيين الاردنيين طارق المومني في ورشة عمل الامن والإعلام .. والراي العام

2011-06-25

أود أن اشكر الاستاذ عريب الرنتاوي، ومركز القدس للدراسات السياسية على تنظيم هذه الندوة التي جاءت في وقتها الصحيح.

وربما عقد مثل هذه الندوة، يأتي في ضل تصاعد الاعلام الذي اثبت تطور لافت في ما يسمى الربيع العربي، وهذه العلاقة بين الاعلام والاجهزة الامنية كانت على الدوام "ليست سمن على عسل" باستمرار كان هناك مشادات وكانت العلاقة في بعض الأحيان معقدة، وفي بعض الاحيان مثيرة، وفي بعض الاوقات صافية، ولكنها لم تصل لحد القطيعة، لكن باستمرار كانت العلاقة يشوبها كثير من الخلل.

وربما لن نخرج من هذه الندوة بوضع حد أو رسم صورة زاهية ما بين الطرفين، ولكن نحن نسعى لكي نحد من الآثار السلبية في العلاقة ما بين الطرفين حتى نصل لمرحلة يفهم كل طرف دور الطرف الآخر، ويفهم واجبه، ويعرف رجل الامن أن الصحفي يسعى للوصول للمعلومة ونقلها إلى الناس باعتبرها حرية للصحافة وليست للصحفي بل هي حق الناس في المعرفة والاطلاع، بالمقابل يجب ان يدرك الصحفي دور رجل الامن في التعامل مع الأحداث.

كلنا يعرف دور الاعلام وأهدافه وتأثيره في الحياة العامة سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، والكل يعرف دور مؤسسة الأمن باعتبارها مؤسسة عريقة لها وظائف وأدوار في المجتمع في الحفاظ على حياة الناس وأمن المواطن، لكن أريد أن أؤكد على حقيقة اساسية وهي أن كلا من الامن والاعلام محورين مهمين يلتقيان على هدف واحد وهو مصلحة الناس. لكن الاختلاف في النهاية في وجهة نظر كل طرف، لهذه المصلحه وانطلاق من دور ومهمة كل طرف يؤدي واجبه فالاعلام يركز على حق الجماهير في الاطلاع والمعرفة، ورجل الأمن يركز على حفظ النظام العام وسلامة الناس.

في العالم هناك قواعد ومرتكزات لشكل العلاقة بين الاعلام والأمن، لكن هذه تختلف بين دولة واخرى، ونركز على أن الشراكة بين الامن والاعلام يجب أن تكون ركن اساسي في تطوير العملية الديمقراطية ...صحيح أن لكل طرف واجبه في هذا الجانب، ولكن في النهاية هناك هدف واحد وهو مصلحه الوطن والناس. ربما المشكلة الاساسية التي اشرنا لها، هي أن رجل الأمن في الميدان لا يفهم طبيعة مهمة ودور الصحفي- وليس كل رجال الامن كذلك- ومسالة التواصل وعقد المنتديات وورشات العمل، وعقد دورات تدريبية ليفهم كل طرف دور الطرف الآخر أعتقد أن مثل هذه الأمور يجب أن يتم العمل عليها في المستقبل.

وحقيقة أخرى يجب أن نركز عليها أن الانتهاكات، والتجاوزات التي يتعرض لها الصحفي من قبل رجل الامن يجب أن لا ننظر اليها أنها عمل مؤسسي بل هي عمل فردي، وأن نبقيها في اطار العمل الفردي ولكن يجب أن تتم المساءلة والمحاسبة من الطرف الذي يعتدي، وهي مسالة ضرورية، وهناك الكثير من الاعتداءات التي يتعرض لها الصحفيون، وشكلت لجان تحقيق ولكن لجان التحقيق لم تخرج بأي شيء في هذا الاطار، ونحن من خلال هذه الندوة نطالب أن يكون هناك نتائج واضحه للجان التحقيق إن اردنا أن نقيم علاقة متوازنة وصحية، وأن نبقي مسالة الاعتداءات في الاطار الفردي وليس المؤسسي.

وهناك مسالة عدم التواصل بين الجانبين والتي تؤدي إلى سوء التفاهم و التجاذب بين رجل الأمن ورجل الاعلام والصحافة. ونؤكد على حقيقة أخرى أن وسائل الاعلام يجب أن لا تسعى لكي تحصل على السبق الصحفي على حساب الصدق والحقيقة لأن اي خطا سوف تكون نتائجه سلبية جدا.

في عام 2006 كنت نقيبا للصحفيين وكان هناك اعتداء على الصحفيين فكان المجلس الأعلى للإعلام قبل ان يتم وأده والمركز الاردني للاعلام قبل ان يتم ايضا وأده ونقابة الصحفين ومديرية الامن العام وعقدنا سلسلة من اللقاءات والاجتماعات، وتوصلنا إلى ضرورة أن يكون هناك مذكرة تفاهم بين الأطراف تحكم علاقة الاعلاميين ورجال الأمن، واتفق عليها بين الاطراف الأربعة وكان مدير الامن العام المرحوم محمد العيطان، وكان معالي ابرهيم عز الدين رئيسا للمجلس الأعلى للإعلام، والاستاذ باسم الطراونة مديراً للمركز الاردني للإعلام فتوصلنا لصيغة تفاهم ولكن بقيت هذه الصيغة حبرا على ورق ولم تفعل وأعتقد أنه لو لم تفعيلها، ربما لتجنبا الكثير مما يحدث من اعتداءات من قبل رجال الشرطة على الصحفيين والاعلاميين.

وللتذكر فقط أن من جملة المقترحات التي وضعت في تلك الفترة هي الاتفاق على اجراءات تسرع من عمل الصحفيين في المناسبات الطارئة مثل الاعتصامات والمظاهرات ومن جملة ما اتفق عليه أن يكون هناك كشوفات باسماء الصحفين المعتمدين تقدم للأمن العام للتغطية الصحفية في مختلف المجالات، وتسهل الاجهزة الامنية مهمة الصحفيين ووصولهم لمواقع الأحداث والتعامل معهم لكي يؤدوا واجبهم على أكمل وجه دون أي اعاقة، صرف باجات خاصة للصحفيين لتميزهم وصرف شارات خاصة توضع على سيارتهم، وسترات خاصة مميزة للصحفين، وهذه مهمه نقابة الصحفين حيث قام مجلس النقابة السابق بشراء ستر خاصة بالصحفيين وهي متوفر في النقابة، ايضا اتفق على تيسير حصول الصحفيين على المعلومات بسرعة ودقه، حيث تقوم الجهات الأمنية باصدار بيانات فور وقوع اي حدث يهم الرأي العام، وتحديد خطوط هاتفيه تسهل على الصحفيين الاتصال حين وقوع أحداث هامة، تحديد ضابط ارتباط أو أكثر في موقع الحدث لتسهيل حصول الصحفيين على المعلومات.

ومن أجل الحفاظ على علاقة صحية بين أجهزة الامن العام والصحفيين والاعلاميين تتخذ اجراءات منها تقوم الاجهزة الأمنية بابلاغ الجهة الأمنية الحكومية المعنية بالاعلام بأية اجراءات أو ترتيبات متعلقة بالجسم الصحفي لتقوم بابلاغها للصحف بطريقتها الخاصة دون استدعاء الصحفي لمراكز الأمن.

ايضاً اتخاذ كل الاجراءات من قبل أجهزة الأمن بعدم احتكاك رجل الأمن بالصحفي اثناء تأديته لعمله أو ايقافه، أو التعرض له لفظيا أو استخدام القوة معه اثناء، أو مصادرة الأجهزة التي بحوزته، فمثل هكذا أمور بعد وقوعها لا يمكن التخفيف منها حيث تسجل أنها انتهاك لحرية الصحافة، عقد لقاءات دورية لبحث اي شؤون اجرائية تسهل من مهمة الصحفي، هذه بعض الامور التي تم تدوالها في ذلك الوقت وضمنت في اتفاق أُعلن، ولكن لم يتم تفعيله والعمل به. وأعتقد أن المطلوب منا جميعا أن نجدد المطالبة على ضرورة تنظيم العلاقة بصورة واضحة على قاعدة اعتراف كل طرف بدور الطرف الآخر و أعتقد أن هذا سيكون بداية الحل، وأوكد أن المسألة لن تنتهي طالما ان هناك صحافة وهناك رجل أمن، وبالنهاية المطلوب ان نحد من هذه الاعتداءات وأن نبقيها ضمن اطار محدود جدا حتى نستطيع أن نرتقي بمجتمعنا ونسير في مسيرته الاصلاحية، لان هذه من الأمور التي لها علاقة في الإصلاح.

أشكر لكم حسن استماعكم واشكر مركز القدس على عقد هذه الندوة وآمل ان نخرج بتوصيات واقتراحات تساهم في الهدف الذي اجتمعنا له في هذا الصباح.
https://www.alqudscenter.org/print.php?l=ar&pg=QUNUSVZJVElFUw==&id=813