A+ A-
كلمة الأستاذ عبد الرحمن محمد النعيمي في ورشة عمل الاصلاحيون العرب وبناء شبكات والتحالفات
2007-03-25
تقديم
شكراً للاخوة في مركز القدس للدراسات السياسية، والاخوة في لجنة المتابعة في شبكة الاصلاح والتغيير في العالم العربي ولمعهد كونراد ايديناور على دعمه واسناده لمثل هذه الفعاليات.

في هذه الورقة سأتقدم بعرض موجز للتطورات السياسية التي جرت في البحرين خلال السنيتن المنصرمتين، حسب معايشتي لها، ومتابعة المركز الوطني للدراسات لهذه التطورات، وخاصة من ناحية القوانين التي صدرت او المراسيم او الانتخابات البلدية والنيابية التي شاركت فيها كافة القوى السياسية .. ثم الى الموضوع الرئيسي الذي من أجله نجتمع وهو تطوير الشبكة والعلاقات بين اعضاء لجنة المتابعة والفعاليات التي يقوم بها مركز القدس للدراسات السياسية.
 
أولاً: ابرز التطورات السياسية خلال السنتين 2005 ـ 2006 في البحرين..

بعد أن امتنعت السلطة (ممثلة في وزير العمل وطاقمه) عن متابعة الحوار مع وفد الجمعيات الاربع المقاطعة (الوفاق، العمل الديمقراطي، التجمع القومي، العمل الاسلامي) حول المسالة الدستورية بنهاية العام 2004، سعت الى تقنين عمل الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني عبر قوانين وضعتها السلطة التنفيذية وقدمتها الى مجلس النواب، ووافق عليها كلا المجلسين، النواب والشورى، وصدق عليها الملك بعد يومين فقط من الموافقة المذكورة.. حيث وضعت هذه المؤسسات تحت سيطرة الدولة، ورفضت الالتزام بالمعايير الدولية التي تتضمن استقلالية هذه المؤسسات، وتشكلها بخيارات اعضائها مع اشعار الجبهة التنفيذية المعنية بذلك من باب العلم والخبر.. مما وضع القوى السياسية في وضع حرج، ولم تنفع كافة الاحتجاجات والاعتصامات والعرائض التي قامت بها كافة الجمعيات السياسية بما في ذلك المؤتمر العام للحوار الوطني الذي انعقد في مطلع العام 2006، وشاركت فيه اغلبية الجمعيات السياسية من مختلف الاطياف (عدا جمعيتي الاصالة والمنبر الاسلامي) من تغيير موقف السلطة، مما اضطر الجمعيات السياسية الى صياغة انظمة داخلية تتماشى وما تطلبه قانون الجمعيات السياسية.. وهذه العملية قد دفعت البعض الى الانشقاق ورفض الانصياع لقانون السلطة، وتشكلت (حركة حق) من نشطاء كانوا في جمعية الوفاق الوطني الاسلامية بالاضافة الى بعض الشخصيات التي كانت في جمعية العمل الوطني الديمقراطي.. حيث اصرت على رفض القانون، والتمسك بحق القوى السياسية في تنظيم نفسها دون تدخل من قبل السلطة..

وقيامها بالفعاليات الاعلامية والجماهيرية التي اصطدم بعضها بقوات الامن وتم اعتقال البعض، ومن ابرزهم الاستاذ حسن مشيمع الامين العام لحركة ولمدة يوم واحد حيث سرت التظاهرات الصاخبة في كل المناطق الشيعية، مما دفع السلطة الى التراجع وذلك في بداية فبراير من هذا العام... كما أن (حركة حق) قد صاغت وثيقة وقع عليها عشرات الالاف من المواطنين وقدمتها الى الامين العام للامم المتحدة تطالب فيها الامم المتحدة بالاشراف على انتخابات نيابية في البحرين لوضع دستور جديد للبلاد بعد أن أخل النظام بالتزاماته التي اعلن عنها قبيل التصويت على ميثاق العمل الوطني في فبراير 2001.بالنسبة للانتخابات، اتخذت الجمعيات المقاطعة قراراً بالمشاركة في الانتخابات النيابية.. مما ايضاً اثار اشكاليات في صفوفها.. لكن هذا الموقف قد دفع السلطة الى تشكيل منظمة سرية يشرف عليها القصر الملكي، بهدف التحكم بالعملية الانتخابية، وعهد الامر الى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، الشيخ احمد عطية الله، المسؤول عن المركز الوطني للمعلومات والاحصاء، ويساعده وزير في الديوان الملكي هو محمد عطية الله، حيث تم الاستعانة بخبير بريطاني من اصل سوداني اسمه الدكتور صلاح البندر، الذي فجر قنابل متواصلة بعد خلافه مع رئيسه، بنشر تقرير في منتصف العام 2006، سمي بتقرير البندر او (بندر غيت) كشف فيه توجهات النظام لمواجهة المعارضة الشيعية والديمقراطية على حد سواء، عبر استخدام التصويت الالكتروني في الانتخابات النيابية لعام 2006، وتشكيل شبكة امنية واخرى صحفية لمراقبة المعارضة والرد عليها، بالاضافة الى تاسيس جريدة (الوطن) واختراق مؤسسات المجتمع المدني عبر تشكيل جمعية مراقبة حقوق الانسان للتواصل مع المنظمات الدولية وتسويق صورة النظام بالصيغة المعارضة للجمعيات الاهلية، وجمعية الحقوقيين، اضافة الى التجنيس الواسع النطاق لعرب سوريين واردنيين ويمانيين، بالاضافة الى اسيوين/ هنود وبلوش وغيرهم.. وقد اعتقلت السلطة الدكتور صلاح وابعدته من البلاد، لكنه الآن ينسق مع قوى المعارضة لكشف بقية التقرير، حيث اصدر التقرير رقم 2، الذي كشف فيه توجه النظام لتجنيس قرابة 250 الف عربي من (سنة) العراق والسودان واليمن، وذلك للتغلب على الاغلبية الشيعية في البلاد!!!

تخلى النظام عن مشروع التصويت الالكتروني بعد لقاء الملك مع رؤساء الجمعيات السياسية في شهر اغسطس من العام 2006، لكن الحكم رفض تشكيل لجنة محايدة للاشراف على الانتخابات او السماح لمنظمات دولية بمراقبة الانتخابات، كما رفض الافصاح عن عناوين الناخبين في الدوائر الاربعين من البلاد، تاركاً المجال لزج المجنسين من العسكريين والعاملين في اجهزة الامن، بالاضافة الى مزدوجي الجنسية من السعودية للتحكم في مخرجات العملية الانتخابية، كما اصر على تشكيل 10 مراكز عامة يمكن للمواطن من اي دائرة من الدوائر الاربعين التصويت فيها... مما أتاح له تغيير موازين القوى واسقاط المرشحين المعارضين او غير المرغوب فيهم او المنافسين للتيار الاسلامي السني..

كان مشروع السلطة هو الوصول الى مجلس نيابي تتوزعه الاصوات السنية والشيعية، على ان تكون الاغلبية سنية للبرهنة بأن اغلبية السكان سنية. وقد اعتمد في ذلك على توزيع غير عادل للدوائر الانتخابية.. حيث كانت بعض الدوائر تضم قرابة الف مواطن يمثلها نائب في الوقت الذي كانت دوائر تضم قرابة 15 الف يمثلها نائب واحد... بالاضافة الى استخدام العسكريين والعاملين بالاجهزة الامنية واعطائهم تعليمات مشددة بالتصويت لمرشحي الجمعيات الاسلامية السنية الموالية، او الشخصيات المرتبطة بالنظام، وشكل ضغوطات كبيرة على المواطنين وخاصة في المناطق التي ترشحت فيها شخصيات التيار الديمقراطي ممثلين في جمعية (وعد): العمل الديمقراطي، مما افشل كافة المرشحين المنتمين الى الجمعيات السياسية الديمقراطية او الليبرالية، وأوصل الى المجلس كتلاً تعبر عن الجمعيات الطائفية / الاصالة والمنبر الاسلامي والوفاق الاسلامية، بالاضافة الى المستقلين ذوي العلاقة مع السلطة، ونجحت شخصية ديمقراطية وحيدة ذات علاقة وثيقة مع جمعية الوفاق الاسلامية في الوصول الى المجلس عبر الدورة الثانية.. وهكذا توزعت / الوفاق 17 نائباً، الاصالة 8 نواب، المنبر الاسلامي 7 نواب، كتلة المستقبل السلطوية 7 نواب، والمستقل الديمقراطي / د. عزيز ابل الامين العام للمؤتمر الدستوري سابقاً. مما اعتبره المراقبون انتصاراً لمخطط السلطة في ابراز اصطفاف طائفي في المجلس يبتعد عن القضايا الاساسية التي يجب مناقشتها.

وخلال الفترة المنصرمة، في البرلمان السابق، صدرت عدة قوانين من بينها قانون مكافحة الارهاب، وقانون الجمعيات السياسية وقانون التجمعات، وقانون الجمعيات الاهلية، وقانون الصحافة الذي يسمح بحبس الصحفيين وجرجرتهم المستمرة الى القضاء على ما ينشرونه من قضايا فساد او غيرها لا ترضي السلطة واعوانها، بالاضافة الى القرارات التعسفية من قبل السلطة بمنع الاضراب في غالبية المرافق، ومنع العاملين في القطاع الحكومي من تشكيل نقابات، وعدم السماح للمهنيين بالتحول الى نقابات محامين او اطباء او مهندسين واستمرار وضعيتهم كجمعيات يحكمها قانون الجمعيات الاهلية الذي لا يسمح لمثلها بالتطرق الى القضايا السياسية.. كما واجهت اجهزة الامن كافة التحركات الاحتجاجية بشكل عنيف عبر محاصرة المناطق او الاعتقالات التعسفية او المداهمات للبيوت.. او اشاعة جو من الارهاب النفسي وسط المواطنين، اضافة الى الشحن الطائفي والعرقي المتواصل..

ويمكن القول بأن هناك تراجعات متواصلة في هامش الحريات الذي شهدنا انطلاقته عام 2001، بل ان السلطة تحسب الكثير من الحسابات الامنية لما يمكن ان تتطور اليه الاوضاع الاقليمية على ضوء تطور الصراع حول الملف النووي الايراني، بالاضافة الى المذابح المذهبية في العراق.. واستمرار البعض في اوهامهم حول امكانية وقوف الادارة الامريكية الى جانب القوى الاصلاحية الليبرالية، والضغط على الانظمة العشائرية لتغيير سياساتها باتجاه المزيد من الاصلاحات والمشاركة الشعبية.

ايتها الاخوات والاخوة
لقد أكدنا في الفترة السابقة بأن هناك اطرافاً اساسية ثلاث، تسهم بدورها في الصراع سلباً او ايجاباً، وقد يلعب بعضها ادواراً ايجابية في بند من البنود ويلعب دوراً سلبياً في بنود اخرى، مما يعني ان الاصطفافات السياسية والاجتماعية ليست جامدة في الصراع الضاري في المنطقة. والقوى الاساسية الفاعلة في منطقتنا هي التالي: الاولى هي القوى الاجنبية وبالتحديد الولايات المتحدة الاميركية والى درجة ثانية الاتحاد الاوربي، والى حد ما دول الجوار، والثانية هي الاسر الحاكمة والثالثة هي القوى الشعبية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية.

بالنسبة للقوى الاجنبية، وبالتحديد الولايات المتحدة الامريكية فانها تريد عالماً على شاكلتها، يأتمر بأمرها، تريد تطوير النظام السياسي والقضائي والتعليمي والاقتصادي والاداري المتخلف في هذا الجانب او ذلك بما يستجيب لمصالح احتكاراتها التي ترى العالم قرية صغيرة به بعض الثغرات هنا وهناك والتي يجب ترميمها... وبالتالي فانها وضعت على عاتقها برنامجاً للاصلاحات في المنطقة العربية الاسلامية، يستهدف في جوهره الحفاظ على ما تسميه المصالح الحيوية للولايات المتحدة الامريكية وبالتحديد المسالة النفطية التي يجب ان تكون امدادات النفط مؤمنة، ويستهدف في بنده الثاني الحفاظ على القاعدة الاستيطانية في فلسطين، بحيث تصبح مركز الشرق الاوسط الجديد مما يعني ان تدور بقية دول المنطقة في فلكه بعد الاعتراف والتطبيع والغاء كافة اشكال المقاومة والممانعة العربية لهذا المشروع الاستيطاني العنصري. وفي خضم ذلك فانها تريد دفع هذه الانظمة الشديدة التخلف سياسياً الى الامام لمواكبة الكثير من المتطلبات القانونية والمواثيق التي باتت عالمية.

بالنسبة للاسر الحاكمة، فانها تريد أن تأكل الاخضر واليابس، ويكون لها سلطة القرار التنفيذي والتشريعي والقضائي وتتصرف وكأن الارض ومن عليها ملكية خاصة، اقطاعية خاصة. ولا شك ان هذه العقلية قد تطورت من حاكم الى آخر، كما ان تباينات بين افراد الاسرة الحاكمة الواحدة موجودة في التكتيك الذي يجب اتباعه لمواجهة المتغيرات، ولمواجهة الحركة الشعبية ومطالبها، ولكن المرتكز الاساسي هو الحفاظ على السلطة واستمرار الاسرة حاكمة مالكة تستحوذ على الجزء الاكبر من الثروة، لقد تطورت من الوضع العشائري الى الوضع الراسمالي حاملة معها أسوأ جوانب النمطين، وخاصة في الجوانب السياسية.

بالنسبة للقوى الاجتماعية، بمختلف شرائحها وانتماءاتها فان لها مصلحة في تطوير الاوضاع، باتجاه المشاركة في صنع القرار، ومراقبة سلوك الاسر الحاكمة في تصرفها بالمال العام والثروة عموماً.. لكن هذه القوى الاجتماعية تتباين في مواقفها من فترة الى اخرى، وتتباين في مواقفها نتيجة المتغيرات الاقليمية والدولية، ونتيجة سياسات الحكم، ونتيجة تغير الموازين بين القوى الاجتماعية في البلاد ذاتها، بحيث نرى البعض منها يقف بنسبة عالية مع السلطة رغم انها لا تطالب بالمشاركة السياسية الكاملة الا ضمن مقاييس لا تلحق اذى بها او تعطي الآخر مصلحة اكبر منها..

وحيث قامت السلطة بالانفراج السياسي عام 2001، وحيث تراجعت الادارة الاميركية عن دعوات الاصلاح الديمقراطي لصالح الحلول الامنية، ودخلت في مساومات مشبوهة مع العديد من الانظمة العربية القمعية وغير الديمقراطية، فان التراجع الدستوري الكبير ـ الذي حول البلاد الى ملكية مطلقة وسحب الكثير من الصلاحيات التشريعية والرقابية من مجلس النواب، اضافة الى اشراك مجلس الشورى في العملية التشريعية ـ قد احدث الكثير من الاشكاليات في الحركة السياسية والشعبية، وباتت السلطة عبر قدراتها المالية والحشد الطائفي تدير العملية لصالحها، الا ان الملاحظ ان الاصطفافات السياسية والاجتماعية بدأت تتغير امام الضغوطات الاقتصادية والمعيشية التي جعلت غالبية المواطنين يقتربون من خط الفقر، وبدأت النقابات العمالية تهدد بالاضراب عن العمل مطالبة بزيادة الاجور وتحسين ظروف العمل وتحسين شروط الخصخصة والحد من تدفق العمالة الاجنبية والتجنيس السياسي... كما انه بالرغم من المشاركة في العملية الانتخابية من قبل قوى المعارضة الا انها مصرة على التمسك بالمعايير والاتفاقيات والمواثيق الدولية لتطوير العمل السياسي والضغط على الاسرة الحاكمة لادخال اصلاحات حقيقية في المسالة الدستورية، كما تركز المعارضة على ضرورة المواطنة المتساوية ورفض كافة اشكال التمييز الطائفي او العرقي او القبلي، وأهمية استقلالية مؤسسات المجتمع المدني عن هيمنة السلطة، وحرية الصحافة وتحرير الاعلام من هيمنة الدولة، واتاحة الفرص لكل قوى المجتمع بالتعبير عن مطالبها وحقوقها عبر هذه القنوات، وبالتالي الغاء كافة القوانين التعسفية الموجودة في الوقت الحاضر والتي تجرم الصحفيين وتسوقهم الى المحاكم والمعتقلات، وتتحكم في كافة وسائل الاعلام المسموعة والمرئية لتوصل صوت الحاكم، وتسهم في تزييف الوعي لدى المواطنين.
 
ولمواجهة المعارضة اتبعت السلطة الاساليب التالية:
1 ـ احكمت الحصار الاعلامي عليها، وحيث تحتكر السلطة وسائل الاعلام المسموعة والمرئية، فانه لا يسمح بمشاركة رموز المعارضة في الندوات التلفزيونية او الاذاعية، في الوقت الذي فتح المجال واسعاً امام مؤيدي برنامج السلطة.

2 ـ التقزيم المستمر للحركة السياسية، وعدم التشاور معها، وتجاهلها في كافى المفاصل، وخاص القوى السياسية الديمقراطية الرافضة للعبة الطائفية والمناضلة من اجل المساواة والعدالة بين جميع المواطنين.

3 ـ عدم المشاركة في اية فعالية تدعو اليها القوى السياسية. ففي نهاية يناير (31 يناير 2006) اتفقت كافة الجمعيات السياسية على عقد مؤتمر للحوار حول الحريات العامة على ضوء القوانين المقدمة من قبل الحكومة الى مجلس النواب، وطلبت من الحكومة والقصر الملكي ارسال ممثلين عنهما الى المؤتمر للمساهمة في الحوار، لكن الحكومة والملك رفضا الاستجابة لذلك، في الوقت الذي شارك كافة المدعوين من مختلف الكتل النيابية والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني (حيث حضره قرابة 300 شخصية) اعربوا فيه عن قلقهم من تدهور وضع الحريات في البلاد، مطالبين الحكم بالتراجع عن هذه القوانين.

4 ـ كان من المطالب الاساسية للجمعيات النسائية خلال العقود الماضية هو تشكيل اتحاد لنساء البحرين، وقد تقدمت الجمعيات النسائية بطلب الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية منذ العام 2001، لكن الحكم الذي يرى في الحركة النسائية المستقلة رافداً من روافد الحركة الشعبية، اقدم على تشكيل المجلس الاعلى للمرأة وقدم له الكثير من الامكانيات، وربط الكثير من نشاطات المرأة بهذا المجلس السلطوي، ووقفت الوزارة ضد تشكيل للاتحاد النسائي، ولم تتمكن اللجنة التحضيرية من عقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد الا بعد صعوبات كبيرة.

5 ـ لم يكن موقف السلطة من الحركة الطلابية والشبابية افضل من موقفه السابق، حيث يرفض السماح للطلبة بتشكيل اتحاد لهم في الداخل او الخارج، رغم الاعداد الكبيرة لطلبة الجامعات (تضم جامعة البحرين لوحدها قرابة 25 الف طالب) ويصر على استمرار عمل اللجان الطلابية، كما تشرف الهيئة العامة لمؤسسة الشباب والرياضة على كافة الفعاليات الشبابية، وتصادر حق الاندية في اقامة اية فعاليات ثقافية دون الرجوع اليها، واقدمت ـ ولأول مرة في تاريخ البحرين ـ على اغلاق نادي العروبة لمدة شهر، بعد اقامة ندوة تم التطرق فيها الى رئيس الوزراء ودوره في الفساد الاداري والمالي الذي تشكو منه البلاد.
 
مستقبل العملية الديمقراطية في البحرين
لا يمكن القول بأن هناك ديمقراطية في البحرين، بل اجواء انفراج تتخللها موجات عنف وشد وجذب، تراقبها الاطراف الدولية وبالدرجة الاساسية الولايات المتحدة الامريكية التي تريد تقديم البحرين كنموذج لبقية دول المنطقة، بينما لا يريد الحكم ان يتنازل عن الامتيازات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي يتمتع بها، ولا يريد أن يساءله أحد فيما يعمل.

وحيث تطورت حركة المعارضة وتسعى جاهدة لاستخدام كافة الوسائل الشرعية والعلنية لاقناع الحكم بضرورة السير قدماً في طريق الاصلاحات السياسية والدستورية، والتخلي عن التدخل في العملية الانتخابية البرلمانية او البلدية، كما لاحظنا بوضوح في الانتخابات النيابية الاخيرة، فان من المفيد التأكيد على دور العوامل الخارجية التي يمكن ايجازها في التالي:

اولاً: ان مملكة البحرين تعتمد اعتماداً كبيراً على محيطها الخليجي وبالدرجة الاساسية المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والامارات.

ان الدور الذي تلعبه المملكة السعودية دور محوري، سياسياً واقتصادياً ومالياً، الا ان الاهم ـ حسب رايي ـ هو تأثير التحولات السياسية والاجتماعية التي قد تجري في المملكة خلال السنوات القليلة القادمة في ظل قيادة الملك عبدالله الذي يريد اجراء اصلاحات سياسية، ويزيل الكثير من القيود التي وضعها رجال الدين المتزمين في العديد من القضايا الاجتماعية وخاصة المتعلقة بالمرأة. ان اصلاحاً سياسياً جدياً في المملكة سيضع الاسرة الحاكمة في البحرين في مأزق جدي.

ويمكن القول نفسه بالنسبة لدور قطر، حيث تسعى الى مأسسة اوضاعها، واقامة مجلس شورى على ضوء الدستور الذي صادق عليه الامير في 9 يونيو 2005، والذي يشكل في بعض جوانبه خطوات الى الامام بالنسبة للعملية الدستورية الجارية في البحرين.

وحيث تتداخل القضية المعيشية الاقتصادية مع القضية الدستورية والسياسية في البحرين، فان دول الخليج وخاصة قطر والكويت والامارات يمكنها المساهمة في التخفيف من الاعباء التي تشكو منها البحرين بفتح آفاق العمل في هذه البلدان لمواطني البحرين، والضغط على الاسرة الحاكمة في البحرين للحد من التجنيس السياسي، والاهمية البالغة في التخفيف من حدة التمييز الطائفي .

وبالتالي فان اصلاحات دستورية وسياسية في دول المجلس ستؤثر على وضعية البحرين، ناهيك عن الدور البالغ الاهمية الذي لعبته العملية السياسية في العراق ولبنان وايران على وضعية الحركة الشعبية، وخاصة الحركة الشيعية، مما يشكل المزيد من الضغوطات على الاسرة الحاكمة، ويضاعف مخاوفها من افلات الامر من يدها.

ثانيا : لاشك ان اللاعب الاساسي في المنطقة هو الولايات المتحدة الامريكية، التي احتلت العراق، وباتت دولة خليجية، وتريد دمقرطة المنطقة برمتها، وتواجه عناد الاسر الحاكمة ورفضها المتصاعد لأي تغيير قد يضعف من قبضتها الحديدية على مقاليد الامور السياسية والاقتصادية والمالية، خاصة وان ارتفاع اسعار النفط يجعل هذه الاسر في وضع مالي يساعدها على رشوة قطاعات شعبية ونخب مثقفة تقف الى جانبها.

وبالرغم من تسليمنا بازدواجية المعايير في العمل السياسي سواء لدى الولايات المتحدة او العاملين في الحقل السياسي المحلي، الا انه لا يمكن تجاهل الدور الكبير للولايات المتحدة، والاتحاد الاوربي، سواء كحكومات او مؤسسات مجتمع مدني (خاصة بعد تشكيل منتدى المستقبل وتأكيد واشنطن رعايتها للعملية الديمقراطية في المنطقة)، ولا يمكن تجاهل ميزان القوى بين الحركة الشعبية المحلية ذات الموقف السياسي القوي والدعم الشعبي المتزايد، والاسرة الحاكمة وما تملكه من قدرات امنية وعسكرية ومالية، مما يدفع بعض اطراف الحركة الشعبية الى نقل المعركة الى خارج الساحة المحلية، سواء المؤسسات الحقوقية الدولية او الامم المتحدة او الحكومات الصديقة لانظمة الحكم الخليجية.

وليس لدينا من مخرج سوى الضغط الداخلي والخارجي لاقناع الاسرة الحاكمة بالحوار مع المعارضة، والتراجع عن الخطوات الخطرة التي اقدمت عليها في سن دستور جديد على مقاسها، وحسب مخاوفها وتوازنات الرعب والمصالح التي تحكم اطرافها. والوصول الى وثيقة جديدة تؤطر للعلاقات بين الاسرة الحاكمة والقوى السياسية الشعبية، بما يضع البلاد فعلاً على ابواب المملكة الدستورية الحقيقية.

وفي مطلع هذا الشهر (مارس) انعقد المؤتمر الدستوري الرابع، الذي ساهمت فيه بالاضافة الى الجمعيات الاربع التي تخلت عن مقاطعة الانتخابات النيابية 2002، شارك الاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد النسائي بالاضافة الى جمعتي المنبر التقدمي والاخاء الوطني، حيث أكد على ان الحلقة الرئيسية في الصراع الدائر في البحرين هي القضية الدستورية والصلاحيات الكبيرة التي اعطاها الملك لنفسه في الدستور الجديد، وتحويل مجلس النواب الى مجلس خدمات بالدرجة الاساسية، وانتخب امانة عامة جديدة، وأكد على ضرورة العمل لعقد مؤتمر وطني عام لمناقشة كافة القضايا والملفات السلخنة في البلاد لابعاد شبح الاحتقان الطائفي والعرقي الذي تسعى السلطة باستمرار لتأجيجه

ثانياً: اشكاليات تأسيس شبكات محلية للاصلاح في الدول العربية...

برزت خلال السنوات الثليلة الماضية العديد من المنتديات الكترونية، المستقلة او المرتبطة بالحركة السياسية باشكالها، او تلك المخترقة من قبل السلطة والجمعيات الموالية، ولعل اخطر ما تقوم به هو الحريض والفتن والتعبئة الطائفية بين ابناء الشعب الواحد.

الا ان هناك العديد من المنتديات الالكترونية التي تدير الحوار السياسي النقدي سواء حيال السلطة او القوى السياسية بمختلف تلاويينها، وقد اتخذت الحكومة سلسلة من الاجراءت الزجرية من بينها أغلاق عدد من هذه المنتديات والمواقع الالكترونية، ومن بينها موقع جمعية العمل الديمقراطي لأنها نشرت تقرير البندر الذي اصدرت السلطة قراراً من المحكمة بتجريم من يتحدث عنه من الجمعيات او الصحفيين.

وعلى ضوء القوانين السارية في البلاد يمكن تأسيس شبكة محلية تعني بالاصلاح السياسي، ويمكن للمركز الوطني للدراسات ان يطور موقعه وان يقيم مثل هذه الشبكة بالتعاون مع المنتديات المحلية، وان يتم رصد العملية السياسية والاصلاحات في مختلف المجالات سواء ارشفة ما يدور في الصحافة او عبر الندوات التي يمكن اقامتها او عبر المنتديات واثارة الاسئلة والاستبيانات حول القضايا التي نريد معرفة اتجاهات الراي العام المحلي حولها.

وبالتالي فان هناك شبكة من الاتصالات بين الفعاليات السياسية والاجتماعية في البلد الواحد.. كما ان العديد من مراكز البحث لديها مواقع الكترونية يمكن التعامل معها او تطويرها.. ويمكن قول الشيء نفسه بالنسبة للوضع العربي برمته، وهو ما سنناقشه باستفاضة مستفيدين من تجربة المراكز والشخصيات ذات المعرفة في هذا الميدان بحيث نتبادل التجربة والخبرة ونطور اساليب العمل ونتفق على الخطوط العامة التي يمكن السير عليها سواء على المستوى المحلي او على الصعيد القومي.
متمنين لاجتماعنا التوفيق والارتقاء بالعلاقات بين اطرافه بما يحقق طموحاتنا الاصلاحية.