A+ A-
كلمة دولة رئيس الوزراء المهندس على أبو الراغب
2003-05-10

بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها الأخوات.. أيها الأخوة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
فإنه لمن دواعي سروري أن التقي اليوم بهذه النخبة الطيبة من رجالات الأردن ونسائه، الذين سيبحثون على مدى اليومين القادمين، وبشكل علمي ومنهجي منظم، واحدة من أهم القضايا والتحديات التي تتصدر الأجندة الوطنية الأردنية، وأعني بها مسألة التنمية الحزبية بوصفها محوراً رئيساً من محاور التنمية السياسية الأعم والأشمل.
وكلي ثقة، بأن ثمار جهودكم ونتاج مداولاتكم، سوف تعزز وتغني الجهد الوطني الشامل الذي يقوده جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله، من أجل تنمية سياسية ديمقراطية شاملة، تتساوق مع الجهد الكثيف الرامي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، فالتنمية التي نتطلع إليها جميعاً، ناقصة ما لم تتقدم على مساراتها المتوازية والمتكاملة...فلا تنمية اقتصادية من دون تنمية سياسية، ولا مشاركة سياسية من دون شراكة اقتصادية حقيقية بين القطاعين الأهلي والعام.
لقد أولت الحكومة، وبتوجيه ملكي سام، مسألة التنمية السياسية اهتماماً كبيراً...فعمدت إلى فتح أبواب الحوار مع الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة، حول مختلف العناوين والتحديات التي تجابه الأردن، داخلياً وخارجياً...وصدعت للتوجيه الملكي السامي بترجمة الأفكار والتوصيات التي خرجت بها الهيئة الوطنية للأردن أولاً، وسعت إلى توسيع دائرة المشاركة الشعبية والأهلية بتشكيلها خمس لجان موسعة لتقديم الأفكار والآليات الكفيلة بتحويل الأردن أولاً، إلى مشروع نهضة واستنهاض..إلى مشروع تنمية حقيقية شاملة ومستدامة، وفي شتى الميادين.
وإذ تولي الحكومة اهتماما كبيرا بأفكار وتوصيات هذه اللجان والتي حرصت الحكومة على عرضها على الرأي العام لإغناء الحوار والنقاش حول مضامينها وتوجهاتها، حرصاًُ من الحكومة على ضمان أوسع مشاركة شعبية في تقرير مستقبل التنمية ومساراتها وأهدافها.

واليوم، إذ نجد الأفكار والتوصيات والآليات التي انتهت إليها لجنة الأحزاب السياسية، بين أوراقكم، ومعها أوراق عمل أخرى وأفكار وعناوين قيمة مطروحة للحوار، فإننا نأمل أن ينتهي هذا "العصف الذهني" بين سياسيين وأكاديميين وخبراء وناشطين حزبيين من مختلف الاتجاهات والتيارات، إلى النتائج التي نتطلع إليها جميعاً، خدمة لشعبنا ووطننا، وتعبيراً عن الالتزام الوطني الجمعي بمستقبل أفضل لبلادنا.
أيتها الأخوات...أيها الأخوة
إن التنمية السياسية والحزبية الشاملة، ليست فعلاً منفرداً تقوم به الحكومات وحدها دون سواها...إنها ثمرة جهد جماعي يشارك فيه الأردنيون والأردنيات جميعاً...على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية...تشارك فيه الدولة والمجتمع بمختلف مؤسساته...ولقد نص الدستور الأردني بكل وضوح على أن للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور...ولعل هذا الملتقى الذي يضم هذه الصفوة من الأردنيين، هو واحد من التعابير والأشكال عن الجهد التنموي الذي نتطلع أن تلعبه مؤسساتنا الوطنية، من الجامعات ومراكز الأبحاث، مروراً بالأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وانتهاء بالحكومة بأجهزتها ودوائرها المختلفة.
وإن الحكومة إذ تؤكد استعدادها التام، وجاهزيتها العالية للقيام بكل ما يلزم، وما يتوجب عليها على هذا الطريق، فإنها تؤكد مرة أخرى، بأنه من دون تضافر جهودنا جميعاً لتطوير التجربة الحزبية الأردنية وتخليصها من كل ما علق بها من شوائب، فلن نتمكن من التصدي للتحديات والإشكاليات التي تجابه العمل الحزبي في البلاد على النحو الذي نأمل ونتمنى.
ونحن في الأردن، إذ نعتز بتجربتنا الحزبية والديمقراطية، ندرك تمام الإدراك ما يجابهها من نواقص وتحديات، لعل أهمها غياب الكتل الحزبية الكبرى ذات البرامج الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة...واستمرار حالة الشرذمة...وتغليب الأجندات الإقليمية والخارجية عند بعضها...واستمرار حالة عزوف المواطنين عن العمل الحزبي بصفة عامة.
ومما لاشك فيه أن نجاحنا في معالجة هذه الإشكاليات والتحديات، سوف يفتح الطريق لتطور لاحق وأعمق في تجربتنا الديمقراطية...وسيمكن في المستقبل من إدخال التعديلات والتغييرات على القوانين الناظمة للعمل العام، بما فيها قانون الانتخابات العامة قياساً على نجاح العمل الحزبي وتطوره المنشود ... وبصورة تمكن من مراعاة هدف التنمية الحزبية والسياسية على نحو أفضل.
أيتها الأخوات...أيها الأخوة إن أعمال ندوتكم هذه، تأتي عشية الانتخابات النيابية الأولى في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم...الأولى في القرن الحادي والعشرين...ما يستدعي توجيه الدعوة مجدداً للأردنيين والأردنيات جميعاً للمشاركة في هذا الاستحقاق، فهو حق دستوري للمواطن، وواجب عليه تمليه مسؤولياته الوطنية، وكلنا ثقة في أن الشعب الأردني سينتخب بكل النزاهة والحرية والشفافية ممثليه إلى مجلس النواب الرابع عشر، وأنه سيختار الأكفاء من أبناء هذا الوطن العزيز، ليسهموا بدورهم في حمل الأعباء والمسؤوليات، وليتحملوا قسطهم في الرقابة والتشريع، وليكون لهم رأيهم في كيفية التصدي للتطورات الإقليمية والدولية المتسارعة الشائكة من حولنا، والتي تملي علينا جميعاً إعمال العقل قبل العاطفة وتقديم المصلحة الوطنية الأردنية على غيرها.
واسمحوا لي من على هذا المنبر، أن أتوجه إليكم ومن خلالكم إلى جمهور الناخبين والمرشحين في الانتخابات القادمة، التي لم يعد يفصلنا عنها سوى خمسة أسابيع، بالدعوة إلى تغليب البرامج والشعارات والأهداف الوطنية على غيرها من الطروحات، فمهمة بناء الأردن الحديث وتنميته هي مهمتنا جميعاً...والأردن القوي العزيز المقتدر، هو خير داعم ومساند للأهل والأشقاء شرقاً وغرباً وفي كل بقعة من بقاع الوطن العربي الكبير...والأردن الأنموذج، هو وحده مصدر الاعتزاز والافتخار ورافعة الولاء والانتماء، وهو وحده، فوق هذا وذاك، حاضنة دورنا المتميز على ساحات الإقليم والعالم.
أيتها الأخوات...أيها الأخوة

إذ أعبر لكم مجدداً عن سعادتي بوجودي بينكم في هذا الملتقى الكريم، اسمحوا لي أن أعبر لكم، باسمي شخصياً، وباسم الحكومة عن خالص تقديري لجهودكم الخيّرة ولمركز القدس للدراسات السياسية على هذه المبادرة الطيبة وأطيب تمنياتي لأعمال ندوتكم بالتوفيق والسداد، وفقكم الله لخدمة بلدكم العزيز الأردن في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورقة عمل قدمت الى ندوة "الاحزاب السياسية الاردنية ...الواقع والطوح" التي نظمها مركز القدس للدراسات السياسية بتاريخ 10-11/ايار2003 الاردن-عمان.