A+ A-
على هامش مؤتمر التوافقية

المؤلف: عمار وجيه

المصدر: موقع دار السلام

التاريخ: 2015-06-17

أمس عدنا من مؤتمر (نحو حوار ديمقراطي توافقي في العالم العربي) والذي عقد في بيروت بدعوة من مركز القدس للدراسات
 
الذي يرأسه الدكتور عريب الرنتاوي. أسهم طيف عربي نوعي ومتنوع في الحضور من الشرق والغرب، مع غياب تقليدي للجزائر وكافة دول الخليج عدا شيعة البحرين، وغياب مؤسف لليبيا والسودان وإخوان مصر واليمن والأردن وسوريا بالرغم من دعوتهم، ويبدو أن البعض كانت له أسباب أمنية.
 
لن استطرد في فعاليات المؤتمر فهو بالعموم يحمل قدراً لا بأس به من النجاح باعتباره يمثل نخباً سياسية وفكرية لا أبواقاً. وتمكن الكثير من إرسال رسائل جيدة من خلاله، لكن ما يهمني أن نفهم عمقنا العربي.
 
في ٢٠٠٧ وبينما كانت جبهة التوافق حائرة بين المشروع الإيراني والمشروع الأمريكي، أيهما أكثر إضراراً بالعراق، قفزت (قفشة) من وزير عراقي، قائلاً: لمَ لا تفكرون بالمشروع العربي؟ ويومها لم يكن ثمة مشروع سوى مشروع المخابرات العربية الستة الذي كان يدفع باتجاه مجيء إياد علاوي.
اليوم لدينا مشروع عربي بنكهة أخرى، ترسم ملامحه نخب ربما هي الأقل استفادة من الأنظمة التقليدية القديمة والأرجح عقلاً. هذه النخب كان لها حضور في المؤتمرات التي عقدت أخيراً، ويجب أن يُفعَّل ذلك الحضور ويشجع.
 
إنه المشروع العربي الذي يدفع باتجاه التوافق والسلم، يمتلك قيماً، لا يتقاطع مع الإسلاميين ولا يسمح لهم بالانفراد بالسلطة، يؤمن بحقوق الأقليات القومية والدينية والمذهبية، لا ينسجم مع إيران في مشروعها التوسعي، ولا مع مشروع العرش السعودي.
 
هذه النواة كانت جزءً من المؤتمر الذي حضرناه.
 
صحيح أنه سمح للمصرين أن ينتقدوا الإخوان، لكنه اعترف بأن الإخوان غير موجودين وأن الصورة لم تكتمل وفسح المجال كاملاً لمن يدافع عنهم. وصحيح أيضاً أنه سمح للتيارات اليمنية والبحرينية أن تنتقد السعودية لكنه أعطى المجال أيضاً لمن ينتقد إيران بشدة سواء أكان من العراقيين أو السوريين أو اللبنانيين.
 
ونحن بحمد الله أوصلنا رسائلنا بشكل واضح، وأهمها أن تعنت المالكي وظلمه فتح الطريق لداعش، وكل ما ترتب على ذلك سيتحمل فيه تبعة كبيرة أمام الله وأمام الناس، وأن السنة بحاجة إلى مشروع سني (قومي)، ليس بالمعنى التقليدي للقومية، وإنما يعيد كرامة السنة ليس مذهباً فحسب بل مكوناً وقوماً، وأن النظام التعددي الفيدرالي هو الحل ولا حل غيره، وأن مطالبتنا الولايات المتحدة بتسليح أهلنا ليس عمالة كما يزعم البعض من المزايدين وإنما لنحملهم مسؤوليتهم إزاء الفوضى التي أحدثوها منذ الاحتلال.
 
بالعموم، مهم جداً أن نعزز القوى الناعمة في العالم العربي وننفتح بقوة على جميع القوميات والأديان في بلداننا، لنفوت الفرصة على من يتربص سوءً بأمتنا المسلمة لله تعالى.