A+ A-
أزمة الديمقراطية في بنية وتفكير الأحزاب السياسية العربية

2004-06-12

موسى المعايطة
أمين حزب اليسار الديمقراطي الأردني

مقدمة :
في البداية أود أن أشير إلى أن تقديم أي دراسة أو بحث حول موضوع أزمة الديمقراطية في بنية الأحزاب العربية لا يمكن أن يتم بمعزل عن علاقة هذه الأزمة مع أزمة الديمقراطية في المجتمعات العربية، ودراسة العوامل السياسية والاجتماعية التي رافقت نشأة هذه الأحزاب ومقارنتها بظروف نشأة الأحزاب في العالم كذلك فإن من المهم أيضا إعادة التأكيد على المفاهيم الأساسية للديمقراطية وعلاقتها بالتعددية السياسية (الأحزاب) لأنه لايمكن أن تكون هناك ديمقراطية حقيقية بدون أحزاب سياسية، فإذا كان معنى ومفهوم كلمة الديمقراطية تعني (حكم الشعب) فإن تطبيق هذا المفهوم بشكل عملي لا يمكن أن يتم بدون أحزاب سياسية تمثل فئات الشعب والمجتمع المختلفة وتنوب عنه في الحكم لهذا أعتقد أن التعريف الملائم للديمقراطية بشكل عملي هو (حكم الشعب من قبل نخبة منبثقة عنه) ، لأن أي نظام سياسي بدون أحزاب سوف يؤمن الاستمرارية فقط للنخب الحاكمة عن طريق الولادة أو المال أو الوظيفة ولا يعطي مجال للفئات الأخرى في المشاركة السياسية بينما الديمقراطية الحقة تعني حرية كل الشعب أي أنها ليست حرية المحظوظين بالولادة أو بالثروة أو بالوظيفة أو بالتربية وتطبيق هذا المفهوم يتطلب وجود مستوى حياتي متطور قائم على أساس من العدالة الاجتماعية يضمن حد أدنى من التعليم والثقافة العامة لجميع فئات الشعب ولهذا نلاحظ أن الأحزاب نشأت مع تطور الطبقة الوسطى، وعندما بدأت جماهير الشعب العادية تشعر بحقها في أن يكون لها دور في الحياة السياسية.

ولهذا فإن مدى قناعة وممارسة الحزب للديمقراطية في داخله تأخذ أهمية قصوى حيث أن هذه الممارسة سوف تنعكس على علاقة هذا الحزب بالمجتمع، خاصة عندما يكون في السلطة.

المفاهيم الأساسية للديمقراطية:
من المهم قبل دراسة ظروف نشأة الأحزاب، تحديد المفاهيم الأساسية لجوهر الديمقراطية سواء في المجتمع أو في داخل الحزب..
في المجتمع :
1 - الانتخابات النيابية : والتي تعني اختيار المواطنين بشكل حر لممثلين ينوبون عنهم فيالإدارة والتشريع والحكم عن طريق صناديق الاقتراع.
2 - التعددية الساسية :لا يمكن أن يكون هناك ديمقراطية حقيقية بدون أحزاب سياسية تمثل جميع فئات وشرائح (المصالح المختلفة ) في المجتمع وتوجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والصيغة الحزبية هي الصيغة الحديثة والمجربة لتنظيم أفراد المجتمع وتمثيلهم بشكل ديمقراطي..
3 - احترام حقوق الإنسان السياسية والاجتماعية :
إن الديمقراطية تعني احترام حقوق الإنسان، ليس السياسية فقط بل الاجتماعية أيضا، والمتمثلة في حق المواطن بالتعبير عن رأيه بحرية كاملة بدون أن يتعرض للاضطهاد أو التصفية بسبب هذه الأراء أو المعتقدات وهذا يعني :-
-حقه في اختيار من يحكمه بشكل حر.
-احترام التنوع داخل المجتمع سواء كان هذا التنوع عرقي أو ديني.
-المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل وإلغاء أي شكل من أشكال التمييز ضدها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية.
- توفر الحد الأدنى للمواطن في العيش الكريم والذي يعني تساوي الفرص في الحصول على العمل والتعليم والعلاج الصحي والثقافة..

4 - تداول السلطة التنفيذية بشكل سلمي..
إن الميزة الأساسية للعملية الديمقراطية القائمة على أساس التعددية السياسية تتمثل في توفير الآليات القانونية والمؤسسية لتداول السلطة بشكل سلمي وبدون عنف وذلك عن طريق الاقتراع الشعبي والتي تتيح للتيار ( الحزب ) السياسي الذي يحظى بتأييد أغلبية المواطنين بتشكل حكومته وتطبيق برنامجه.

-مبدأ فصل السلطات الثلاثة التنفيذية – التشريعية – القضائية..
إن توفر هذا المبدأ هو الضمانة الحقيقية لوجود دولة القانون والمؤسسات ويجب التأكيد في هذا المجال وعلى أهمية وجود قضاء مستقل بشكل كامل عن السلطة التنفيذية ويتمتع بالنزاهة.

5-وجود إعلام حر ومستقل :

إن توفر هذا الشرط أصبح ركن مهم من أركان الديمقراطية وخاصة بعد التطور الهائل في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والانترنت ووجود محطات تلفزيونية فضائية، والذي زاد من تأثير هذه الوسائل على الرأي العام وفي العملية الديمقراطية (الانتخابات النيابية ) وأيضا مراقبة السلطة التنفيذية.في الحياة الداخلية للحزب :

لا يمكن للحزب أن يكون حزبا ديمقراطيا في تعامله مع المجتمع ومع الأحزاب الأخرى إذا لم يكن يمارس هذه الديمقراطية في حياته الداخلية خاصة وأن المواطن لا يستطيع أن يثق بأي حزب يدعو للديمقراطية ولا يمارسها في داخله..

التعددية السياسية: إن السماح بتعدد الآراء والأفكار داخل الحزب تشكل عنصر أساسي من عناصر الديمقراطية الداخلية وهي تساعد في تطور ونمو الحزب وتغني رؤيته وبرامجه المختلفة.، كما أنها تساعد على تمتين وحدة الحزب التنظيمية وتحد من الانقسامات داخل الأحزاب، وتقلل من عمليات الفصل بسبب الخلاف في وجهات النظر أو استعمال أساليب الإرهاب الفكري والتخوين والتي عادة ما تستعمل لقمع الآراء المخالفة أو لإقصاء أصحاب هذه الآراء من مواق