A+ A-
الأردن وطريق الانتقال من "الاعتمادية" إلى "الاعتماد على الذات"

2018-02-28

تحت رعاية وزير التخطيط والتعاون الدولي المهندس عماد فاخوري وبمشاركته، نظم مركز القدس للدراسات السياسية بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور حلقةً دراسية بعنوان: الأردن وطريق الانتقال من "الاعتمادية" إلى "الاعتماد على الذات"، شارك فيها حوالي 50 مشاركاً ومشاركة.

الجلسة الأولى:
افتتح السيد عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية الحلقة الدراسية بالإشارة إلى موقف الرأي العام الأردني من شعار "الاعتماد على الذات"، موضحاً أن هناك شيئاً من الشك والريبة حول المضي في تحقيق ذلك في ظل تطبيق سياسات رفع الضرائب، مع التأكيد على وجود رغبة داخل نفوس المواطنين بتحقيق الاعتماد على الذات شريطة التيقن من جدية الحكومة في ذلك.

من جهة أخرى، أشار الرنتاوي إلى انسداد قنوات الحوار بين الحكومة والمواطن الأردني، وإلى أهم أوجه "الاعتمادية" التي تتمثل بـ : المال والاقتصاد، المياه والطاقة، العمالة الأردنية في الخارج وتحويلاتها، والتحديات السياسية والأمنية والإستراتيجية، كما أكد على ضرورة وضوح طريق الاعتماد على الذات، وشرح وتفسير السياسات الحكومية للمواطن والرأي العام.
واختتم الرنتاوي حديثه بالإشارة إلى أهمية التحولات والتطورات الإقليمية المرشحة برأيه للمزيد من التعقيد والتأثير على الأردن. وخاصة على الصعيد الفلسطيني.

بدورها عرّفت الدكتورة أنيت رانكو، الممثل المقيم لمؤسسة كونراد أديناور في الأردن، بالمؤسسة ودورها في دعم جهود الدول والمجتمع المدني لتحقيق الإصلاح الشامل، وأشارت إلى أهمية العلاقات الأردنية الألمانية، مؤكدة ضرورة الاستمرار بالوقوف مع الأردن ومساعدته في الوصول للاعتماد على الذات.

المهندس عماد فاخوري، أكّد من جهته، أهمية الحلقة الدراسية في ترجمة التوجيه الملكي بتعميق قنوات الحوار الوطني الممكنة بين مختلف فئات المجتمع ومؤسساته، من حكومة وبرلمان ومؤسسات عامة وخاصة ومنظمات مجتمع مدني، وخبراء ومختصين، سعياً للوصول إلى الإجماع الوطني المطلوب، وتحقيق التوعية اللازمة التي تساهم في الخروج بالتشخيص الصحيح للتطورات؛ لافتاً إلى أن غياب الحوارات يحول دون إيصال المعلومة الصحيحة الأمر الذي من شأنه الخروج بتحليلات غير دقيقة للأحداث والبيئة المحيطة.

حول الاعتماد على الذات، أوضح فاخوري أنه يعني بالمفهوم العام والبسيط التكيّف وفق الإمكانات المتوفرة، والعمل على التوسع في بناء الإمكانات أو تحمّل أعباء لا تتناسب مع القدرات المتوفرة، وفي هذا الإطار ، نوه فاخوري إلى إمكانية المُضي بالمسارين بشكل متوازٍ.

سلط فاخوري الضوء على أبرز المفاهيم والصّعُد المتعلقة بالاعتماد على الذات. بوصفها الأدوات التي يمكن من خلالها تحقيق الاعتماد على الذات، وهي:

1- القدرات المالية في هذا الصعيد يتم التركيز على الإيرادات والتي تأتي من خلال الضرائب المباشرة وغير المباشرة، ويرتبط بالإيرادات مفهوم الإنفاق الصحيح لغايات الاستثمار بالإنسان، وتوفير البنية التحتية، وتقديم الخدمات الحكومية، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الإنفاق الحكومي متناسباً مع إمكانيات الدولة.

ومن مؤشرات الاعتماد على الذات المتعلقة بالصعيد المالي نسبة العجز في الموازنة من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك نسبة المديونية من الناتج المحلي الإجمالي، وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة عدم أخذ أرقام العجز والمديونية بشكل مطلق وإنما كنسبة من الناتج المحلي، فمعايير المقارنة بين أرقام المديونية هي النسبة من الناتج المحلي والقدرة على السداد، وليس الرقم المطلق للمديونية.

2- القدرة على استغلال الموارد بشكل مستدام والتركيز في هذا الصعيد على المياه والطاقة والغذاء وأداء الحكومة الحالية والحكومات السابقة في تحسين كفاءة استغلال هذه الموارد بشكل مستدام.

3- القدرة على تحمل الصدمات الخارجية أي المنعة التي تتمتع بها الدولة في مواجهة الصدمات. والتي تظهر الثغرات في القدرة على التحمل، وبهذه النقطة يعاني الأردن من ضعف كبير وفق ما أوضح فاخوري.

4- القدرات الاقتصادية ومنها قدرة الحفاظ على الاستقرار النقدي، فهو الأهم لأن خفض سعر العملة الوطنية سيؤدي لزيادة التضخم بالأسعار كما حدث في أواخر الثمانينات. وحول تلك الفترة فإن نسبة المديونية وصلت إلى 200% من الناتج المحلي للإجمالي، ثم جاء الانتقال إلى برامج التصحيح الاقتصادي والتي استمرت حتى العام 2004 حيث انخفضت النسبة إلى حوالي 80%. ومع العام 2010 وصلت النسبة إلى 60% وهو المستوى الآمن ضمن قانون الدين العام.أكد فاخوري ايضاً على أن بداية الطريق في الاعتماد على الذات هي بتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي والنقدي. 

5- القدرة على تأمين الوظائف، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدولة قد وصلت إلى حالة من الإشباع فيما يخص التوظيف بالقطاع العام، إضافة إلى أن نسبة النفقات الجارية التي تعد الرواتب جزءاً منها بلغت 90% من الموازنة مقابل 10% للإنفاق الرأسمالي. وبالتالي لا بد من البحث عن بدائل في إطار توفير الوظائف من خلال القطاع الخاص أو التشغيل الذاتي، فذلك يعد معياراً للاعتماد على الذات لكونه يرتبط بالقدرة على جذب الاستثمارات في مختلف القطاعات، وتسهيل الإجراءات للقطاع الخاص، والقدرة على تشجيع السياحة وترشيد الاستهلاك.

في سياق متصل، أوضح فاخوري أن توفير الأدوات والقدرات التي تؤهل للاعتماد على الذات تتطلب تحقيق التشاركية وتوزيع الأدوار وقيام كل طرف بدوره، إضافة إلى ضرورة تنفيذ الخطط والإستراتيجيات بشكل معمق، وتوفير الحوكمة بالتنفيذ. وفي هذا الجانب، اعترف فاخوري بوجود خلل جزئي أثناء التنفيذ، كما أعاد التأكيد على أن الصدمات الخارجية تؤثر سلباً على عملية تنفيذ الخطط، لكون الظروف تتطلب استيعياب آثار هذه الصدمات، والقدرة على العودة لتطبيق الخطط مُجدداً.

واستعرض فاخوري أبرز المؤشرات الاقتصادية خلال السنوات الماضية، مُشيراً إلى أن أفضل نسبة نمو اقتصادي خلال السنوات الماضية كانت 7%، وأن نسبة البطالة كانت بين 10 و12% في ذلك الحين، وهاتان النسبتان وفق ما أشار فاخوري تؤشران إلى ضرورة معالجة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد؛ فنسبة النمو الاقتصادي المشار إليها تعني انخفاض نسبة البطالة إلى 5 أو 6%. وهو ما لم يحصل.

حول تنفيذ الخطط والإستراتيجيات، أشار فاخوري إلى أن "الأجندة الوطنية 2006-2015" بلغت نسبة التنفيذ فيها من 40-45%، وفق ما تم رصده عند الشروع بتنفيذ "رؤية الأردن 2025". وفي هذا الإطار ، سلط فاخوري الضوء على التطورات الإقليمية التي حدثت خلال العام 2011، وتداعيات الربيع العربي الأمنية والاقتصادية على الأردن من انتشار التنظيمات الإرهابية، وإغلاق الحدود الذي أثر على التجارة والأسواق التجارية، خاصة أن الأردن وفق ما أفاد فاخوري من أكثر دول المنطقة اندماجاً مع محيطه الاقتصادي ما يدل على حجم الصدمات المالية والاقتصادية التي تعرض لها الأردن ومنها:

1- ارتفاع سعر النفط إلى 120 دولاراً، وبالتالي ارتفاع فاتورة الطاقة للأردن الذي يستورد 97% من احتياجاته في هذا المجال. وانقطاع الغاز المصري بسبب الاعتداء على خط الغاز المصري المزود للأردن، وعدم توفر الكميات المطلوبة لسد احتياج الأردن الأمر الذي حتّم على الأردن البحث عن بديل من أجل توليد الطاقة الكهربائية، وهذا البديل تمثل بالوقود الذي استوجب توفير ملياري دولار سنوياً، ما يعني تغيير في الموازنة مع الإشارة إلى أن المشتقات النفطية تُكلف 800 مليون دولار سنوياً. 

2- موجات اللجوء والتي بلغ معدل تكلفتها المباشرة خلال السنوات السبع الماضية مليار ونصف المليار دولار، وبالتالي فإن الصدمات الخارجية أثرت على 50% من موازنة الأردن.

3- ارتفاع أسعار الغذاء مع بدايات الربيع العربي بشكل كبير ، وهنا تجدُر الإشارة إلى أن الأردن يستورد 87% من احتياجاته الغذائية.

4- انخفاض احتياطيات البنك المركزي والذي شكّل خطراً على قدرة االأردن على الوفاء بالتزاماته ودفع الرواتب وغير ذلك من النفقات.

استدعت الصدمات المتزامنة حسبما أوضح فاخوري القيام بإجراءات اقتصادية صعبة أثرت بشكل كبير على المواطن نظراً لعدم وجود الموارد التي يمكن التعويل عليها في مثل هذه الظروف كالنفط على سبيل المثال.

حول الخروج من الصدمات السابقة، أوضح فاخوري أن البداية كانت بضرورة وقف النزيف المالي للحيلولة دون انهيار النقد والمالية العامة، وهنا أشار إلى أن نسبة تغطية النفقات الجارية من الإيرادات الحكومية، قد ارتفعت من 67% في عام 2012 إلى حوالي 95% مع نهاية 2017، ومن المتوقع أن تصل النسبة مع نهاية 2018 إلى 99%، إضافة إلى أن الاحتياطيات النقدية قد وصلت مع نهاية العام الماضي 12.5 مليار دولار كسيولة مالية عدا احتياطيات الذهب، وهذه النتائج المحققة والمرجوة جاءت بفعل الإجراءات الحكومية وأبرزها.

• إعادة ترتيب التعرفة الكهربائية.
• الخروج من دعم المشتقات النفطية وتوجيه دعم نقدي للفئات المستحقة في حال تجاوز سعر النفط 100 دولار. مع التأكيد على ضرورة إطلاق حوار وطني لمناقشة طبيعة الفئات المستحقة للدعم النقدي.
• في مجال الطاقة تم اصدار حزمة من التشريعات المحفزة للاعتماد على الذات في مجال الطاقة المتجددة.

ويُشار هنا إلى أن حجم الاستثمارات في مجالات الطاقة المتجددة قد وصل إلى ملياري دولار خلال السنوات الثلاث الماضية، الأمر الذي يقتضي خفض نسبة الطاقة المستوردة من 97% إلى 91% ووصولها في عام 2020، عام اكتمال مشروعات الطاقة المتجددة، إلى 25%. واشار فاخوري أيضاً إلى وجود مشروع توليد الكهرباء من الصخر الزيتي واهمية الاستمرار به بُغية تنويع مصادر الطاقة وتعميق الاعتماد على الذات في هذا المجال.

وحول المرحلة القادمة، أوضح فاخوري أن الأردن أصبح أكثر حصانة من الصدمات بسبب الخروج من قضايا الدعم. كما أن التركيز يجب أن يكون على ما يلي: حسن الإنفاق وكفاءته، تقديم الخدمات، والانضباط المالي مع التركيز بشكل كبير على هذه النقطة، وبالعودة للخطط والإستراتيجيات التي تمثّل خارطة طريق، أكد فاخوري أن العمل جارٍ وفق خطة "الأردن 2025"، مؤكداً أن من متطلباتها "خطة التحفيز الاقتصادي 2018-2022"، وإستراتيجية الموارد البشرية للسنوات العشر القادمة، وهي أهم الخطط الواجب تنفيذها للاستثمار في المواطن الأردني. ففي ظل شح الموارد، تعد أهم مسارات الاعتماد على الذات.كما أشار فاخوري إلى وجود إستراتيجيات قطاعية أخرى في المياه والطاقة، إضافة إلى خطط النزاهة وسيادة القانون. واختتم فاخوري حديثه بدعوة قوى المجتمع المدني للضغط على الحكومات المتعاقبة لتنفيذ الخطط والإستراتيجيات.

أما فيما يتعلق بمداخلات المشاركين، فقد تمحورت حول عدة ملفات ذات صلة بطريق الاعتماد على الذات، وهي:

1- ملف اللجوء : في هذا الجانب أشير إلى الفجوة الرقمية بين المسجلين لدى الهيئات الدولية وبين العدد الحقيقي الموجود، وتعود هذه الفجوة إلى عدة أسباب، وفق ما أوضح وزير التخطيط، مثل عدم الرغبة بالتسجيل من قِبل اللاجئين السوريين، ولادة حوالي 100ألف منهم داخل الأراضي الأردنية، الدخول من عدة منافذ ومعابر،إضافة لوجود عدد كان موجوداً قبل اندلاع الأزمة. ويُذكر بأن الفجوة الرقمية تُقدر بحوالي نصف مليون لاجئ، فعدد المسجلين هو 650 ألف، في حين أن العدد الحقيقي يبلغ حوالي مليون و300 ألف لاجئ، 90% منهم خارج المخيمات، وفق ما أوضح فاخوري، منوهاً إلى أن نسبتهم قد بلغت حوالي 21% من السكان الأمر الذي أدى إلى الضغط على الخدمات وفرص العمل والموارد.

2- ملف الإصلاح المالي: ساهمت المناقشات بتوضيح عدة نقاط، منها:

-الإفلاس المالي الذي يعني عدم قدرة الدولة على سداد التزاماتها المالية سواء كانت هذه الالتزامات رواتب أو ديون أو غير ذلك من النفقات، الأمر الذي يستدعي القيام بالعديد من الإجراءات .وفي هذا السياق كانت الإشارة إلى ضرورة تطبيق خطوات عملية للحيلولة دون الوصول إلى درجة الإفلاس، وهذه الاجراءات قد تكون وفق ما أوضح وزير التخطيط إما بالخروج من الدعم، أو بتقليص النفقات وتخفيض رواتب القطاع العام، وهو ما سعت الحكومة للابتعاد عنه، وتحقيق الإيرادات. وفي هذا السياق أكد فاخوري على اهمية تحمل الحكومة لمسؤولياتها بتقليل النفقات الحكومية وترشيدها، منوهاً إلى أن تقليل النفقات يجب أن يكون أيضاً في الجوانب التي قد يُحدث التقليل فيها فرقاً أو أثراً إيجابياً مع إعادة التأكيد على ضرورة التقشف ومتابعته رقابياً من جانب مجلس الأمة ومؤسسات الإعلام.

- وفيما يتعلق بالنفقات خارج الموازنة، أوضح وزير التخطيط أن ما يحدث في هذا الجانب قد يكون عبارة عن نفقات متأخرة في ظل وجود ضرورات تستوجب الاستمرار وتأخير الدفع نظراً لعدم توفر السيولة المالية لجهة حكومية ما كنفقات الوقود مثلاً، وبالتالي فالنفقات لم تكن خارج الموازنة بل صُنفت كمتأخرات تُدفع على مراحل.

3- ملف المنح: تركز الحديث بهذا الخصوص على المنحة الخليجية وقيمتها خمسة مليارات دولار التزمت بها ثلاث دول خليجية بمبلغ ثلاثة مليار ات و750 مليون دولار. وحول آلية الاستفادة من المنحة كان الاتفاق بقيام الحكومة الأردنية بالإنفاق الفعلي على مشروعات المنحة، ثم يتم التعويض من المنحة، مع التأكيد على ضرورة موافقة الجهة المانحة أو الصندوق الخليجي المسؤول عن كل مرحلة من مراحل المشروع.

وحول دخول المنح لحسابات الموازنة، أوضح فاخوري أن المنحة التي تأتي للموازنة تدخل بالموازنة، أما المنح المباشرة التي تُنفذ مباشرة في مجال ما، لا تدخل بالموازنة، مع التشجيع على دعوة المانحين بالتنفيذ عبر الجهات الحكومية.

4- ملف توفير الفرصة الاستثمارية والعمل مع القطاع الخاص: تمّ التأكيد على أهمية أن تكون دراسة الجدوى الاقتصادية هي الفيصل في ملف طرح المقترحات الاستثمارية، فهذه الدراسات تؤشر على درجة نجاح المشروع إن كان مجدياً أم لا. أما ما يتعلق بالتعويل على القطاع الخاص بتنفيذ مشاريع خدمية وإدارتها لفترة من الزمن بُغية التخفيف على النفقات الحكومية ومنح الحكومة فرصة للإنفاق الرأسمالي، أوضح فاخوري أن هذه المشروعات التي تُعرف بـBOT (Build Operate Transfer) قد بلغت قيمتها خلال السنوات العشر الماضية 10 مليارات دولار ، منها مشروع الموانئ في العقبة، ومشروع التطوير الحضري في العبدلي، ومشروع محطات توليد الكهرباء الثلاث، وغيرها.

5- ملف الأداء الحكومي والمؤسسي: تطرقت المناقشات إلى الأداء الحكومي فيما يخص تنفيذ الخطط والإستراتيجيات، حيث كانت الدعوة لضرورة متابعة التنفيذ للوزارات المختلفة، وإطلاع الرأي العام على مؤشرات هذا التنفيذ. إضافة إلى أهمية دراسة خطة التحفيز الاقتصادي ورؤية الأردن 2025 لكونها انعكاساً لهوية الأردن الاقتصادية، وتضم أكثر من 70% من طريق الاعتماد على الذات، وفق ما أوضح فاخوري

أما المؤسسات المستقلة التي تحدث البعض عن أنها تشكل عبئاً على الخزينة، فقد أكد وزير التخطيط على أهمية الحوار بشكل تفصيلي حول هذه المؤسسات، وعلى ضرورة إعادة النظر في طبيعة عملها وإمكانية دمجها، مُشدداً على أن الطريق الصحيح بالتعامل مع هذه المؤسسات هو مراقبة أدائها ومعالجة أية مشكلات قد تؤثر على عملها وليس إلغاؤها.

6- ملف التخاصية: في هذا الملف تحدثت المداخلات عن خلل في التجربة وعدم تحقيقها لأهدافها، وفي هذه الجانب، دعا وزير التخطيط إلى ضرورة قراءة تقرير تقييم التخاصية، وأكد على أن مراحل العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص قد تنوعت في حِقبها، فهناك فترات كان فيها دور القطاع العام أكبر، وأخرى غلب فيها دور القطاع الخاص، مُشدداً على أن النموذج الاقتصادي بالأردن ليس اشتراكية أو رأسمالية فهناك حرص على تحقيق التوازن والتلاؤم مع متطلبات كل مرحلة في هذا الإطار.

7- ملف اللامركزية: أكد مشاركون على أهمية التدرج في هذه التجربة لحداثتها. وحول الجانب المالي المتعلق بموازنات المحافظات، أكد فاخوري أن ضيق الوقت هو السبب الرئيس في سرعة الإقرار من قِبل مجالس المحافظات، منوهاً في الوقت نفسه إلى أهمية التقييم المستمر ومعالجة أية مشكلات ستظهر اثناء تطبيق اللامركزية نظراً لحداثة التجربة، والعمل بتشاركية مع مجالس المحافظات لتحديد الاحتياجات ووضع الخطط التنموية.

وفي ختام حوارات الجلسة الأولى، أكد وزير التخطيط على أهمية متابعة التنفيذ وتقييمه بشكل مستمر، والحوار والانفتاح على جميع الأصعدة بُغية تحقيق التشاركية وتوفير المعطيات والمعلومات الصحيحة للحيلولة دون ترسيخ قناعات أو وجهات نظر مغلوطة عن الواقع الاقتصادي بمكوناته المختلفة.

الجلسة الثانية:
استهل معالي الدكتور جواد العناني مداخلته بالحديث عن مفهومي "الاعتمادية" و"الاعتماد على الذات"، مُشيراً إلى أن الاعتمادية تعني عدم القدرة على الاستغناء عن الغير في تأمين أبسط الاحتياجات، واستعرض العديد من الأمثلة والشواهد التي مر بها الأردن في هذا المجال، ومنها:

1- الاعتمادية في مجال الطاقة وأزمات النفط المتعاقبة وانقطاع الغاز المصري.
2- الاعتمادية في مجال القوة العسكرية.
3- الاعتمادية في مجال الاحتياطيات النقدية، فغياب المساعدات وتراجعها يترتب عليه تأثر سعر صرف الدينار وحدوث التضخم وارتفاع الأسعار.

اما الاعتماد على الذات، فيعني أن يتوفر لدى الدولة القدرة على إنتاج ما يمكنها مبادلته مع الآخر، وبالتالي فالاعتماد على الذات لا يعني أن الدولة تستطيع أن تنتج كل شيء لوحدها، فالتبادل أمر أساسي وضروري لأن الدول لا تستطيع أن تنتج وتوفر كل شيء ذاتياً.

من المفاهيم الأخرى الهامة في مضمار الاعتماد على الذات، الحساسية تجاه الآخرين، وهي قيام أطراف أخرى بإجراءات ذات تأثير سلبي على الدولة، وقد تتطور الحساسية لدى الدولة لتصل إلى درجة الهشاشة، أي عدم القدرة على المقاومة، وبالتالي تصبح تحت السيطرة الكاملة، بالمقابل لا بد من توفر المرونة الكافية لتوفير البدائل لتعويض الأثر السلبي وصولاً للصلابة في الموقف الاقتصادي والقاعدة الإنتاجية التي تُمكّن من مواجهة الأخطار، وطريق الاعتماد على الذات يجب أن يبدأ بالوقوف على نقاط الضعف التي يمكن للآخر أن يدخل منها ويؤثر سلباً.

وفيما يخص الحالة الأردنية، سلط العناني الضوء على عدة قطاعات، تعد محاور رئيسة في الاعتماد على الذات، مُركزاً على السنوات الثلاث الأخيرة.

1- التجارة:
بالنسبة للميزان التجاري: فقد ارتفع العجز بالميزان التجاري ليصل في العام 2017 إلى تسعة مليارات دينار ، والسبب في ذلك وفق ما أوضح العناني ليس الظروف الإقليمية والحروب فحسب، بل زيادة المستوردات وارتفاع سعر صرف الدينار أمام عملات الدول التي يستورد الأردن منها مثل اليابان والصين وغيرها،

2- المواد الغذائية والحيوانات الحية:
في هذا القطاع بلغت المستوردات حوالي مليلري دينار، وهنا أشار العناني إلى أن المواد الغذائية الأساسية يتم الاعتماد فيها على الاستيراد، فعلى سبيل المثال يستورد الأردن 98% من احتياجاته من القمح، والتي تُقدر بمليون طن سنوياً، و بتكلفة 215 مليون دينار.

3- العجز في الموازنة:
أوضح العناني أن العجز أخذ بالانخفاض منذ العام 2015 من حوالي ملياري دينار إلى أقل من مليار ونصف المليار دينار في العام 2017، والسبب في ذلك، وفق ما أوضح العناني، هو زيادة الضرائب والاعتماد بشكل كبير على المواطن، والتوقف عن تنفيذ المشاريع التنموية بسبب انخفاض المساعدات العربية.

4- الدين العام:
خلال السنوات الثلاث الماضية، انخفض الدين الداخلي إلى 15 ملياراً و402 مليون دينار ، مقارنة بـ 15 ملياراً و793 مليون دينار خلال العام 2016. أما الدين الخارجي، فقد ارتفع من تسعة مليارات في العام 2015 ليصل إلى 11 ملياراً و800 مليون دينار في العام 2017.

5- الناتج المحلي الإجمالي:
في هذا الجانب، هناك مؤشرات عدة كمؤشر نسبة البطالة الذي أخذ بالارتفاع من 14% في عام 2015 إلى 16% في عام 2016 حتى وصل في عام 2017 إلى 19%، ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من 22% مع حزيران من عام 2018، أما التضخم فقد ارتفع إلى 3.3% في عام 2017. ودعا العناني في ضوء المؤشرات أعلاه، إلى إعادة النظر في اتفاقية صندوق النقد الدولي والتقليل من الضريبة، لكونها تؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي نظراً لارتفاع الضريبة التي أصبحت أكثر من العائد، وبالتالي ستقل الإنتاجية وستنخفض دخول الحكومة. وحول تحفيز الاقتصاد، أكد العناني بأنه لا بد من خفض ضريبتي الدخل والمبيعات لتحفيز الاقتصاد وبالتالي زيادة النمو.

6- الطاقة:
ارتفعت نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي من 2% في العام 2015 إلى 6% في العام 2017. ولعل الاستفادة من هذه الطاقة بشكل افضل، يتطلب تغيير نظام التعامل مع شركة الكهرباء من الإنناج إلى التوزيع.

7- المياه:
أوضح العناني أن نسبة الفاقد في قطاع المياه مرتفعة وتصل إلى 46%، وذلك يعد انكشافاً لا بد من معالجته، كذلك فنسبة الطلب ترتفع حيث وصلت إلى مليار و412 مليون متر مكعب في السنة. وفي سياق الحديث عن المياه، أشار العناني إلى إمكانية النظر برفع الدعم عن المياه خلال العامين المُقبلين.

8- العمالة الأردنية وتحويلاتها:
ارتفعت تحويلات الأردنيين لتصل إلى حوالي ملياري دينار . وفي ضوء تقلص فرص العمل وتراجعها في الدول الأخرى ومنها الخليجية، لا بد من العمل على الاستثمار في القوى البشرية داخل الأردن، فما يُكسب من التحويلات قد يتراجع.

وفي ضوء ما عرضه العناني، قام بتقديم مقترحات تخص عملية الانتقال للاعتماد على الذات، وبخاصة في المجالات التالية:

- اختيار مجموعة من المشاريع المنتجة المعتمدة على التكنولوجيا المتطورة المعتمدة على اقتصاد المعرفة.
- الاستثمار في السياحة واستغلال المناطق السياحية والتركيز على السياحة بمفهومها الواسع ذات الجدوى.
- التوسع في مشاريع الصناعات الغذائية.
- تخفيض الضرائب لسنتين على الأقل.

واختتم العناني حديثه بالتأكيد على أن الاعتماد على الذات يكون بتحسين الأداء الحكومي، واستعادة الثقة بين المواطن والمسؤول، والعمل على مكافحة الفساد، ووضع مشاريع محددة ومترابطة، والاستثمار بالكفاءات البشرية.

تمحورت مداخلات المشاركين حول مدى جدية الحكومة في تطبيق نهج يؤدي للاعتماد على الذات، حيث أكد العديد من المشاركين على ضرورة توفر الإرادة السياسية، وتحقيق الإصلاح السياسي إلى جانب نظيره الاقتصادي، وتوفير المعطيات الدقيقة، وفتح قنوات الحوار، كما أكد المشاركون في مداخلاتهم على ضرورة بناء قيادات إدارية واعدة وتحسين الأداء. وحول ترشيد الاستهلاك، أوضح مشاركون أن هذا النهج من شأنه الاستفادة مما هو متاح بأفضل الطرق، وأشاروا إلى مخاوفهم من المؤشرات الحالية المتمثلة بهجرة الاستثمارات في مختلف القطاعات ومنها القطاع العقاري، وغياب دور الوزارات عن وضع خطط لمجابهة التحديات المستقبلية المتعلقة باختصاصها.

التوصيات التي خرجت بها الحلقة الدراسية:

1- فتح قنوات الحوار بين الرأي العام بمكوناته المختلفة وبين الحكومة بوزاراتها المختلفة.
2- توفير المعطيات والمعلومات الصحيحة للحيلولة دون بلورة وجهات نظر وقناعات مغلوطة حول التطورات والمؤشرات الاقتصادية.
3- إطلاق حوار وطني وبحث معمق حول الفئات المستحِقة للدعم.
4- تفعيل دور المجتمع المدني في الضغط على الحكومات لتنفيذ الخطط والاستراتيجيات الوطنية التي يتم إعدادها.
5- تعزيز الرقابة والمتابعة للإجراءات الحكومية، خاصة فيما يتعلق بترشيد الاستهلاك والتقشف من قِبل مجلس الأمة ومؤسسات الإعلام والمجتمع المدني.
6- تفعيل وحدة مراقبة الأداء الحكومي.
7- عقد لقاءات وحوارات معمقة مع الوزراء والمسؤولين في مختلف القطاعات سواء في الطاقة أو في المالية أو في المياه وغير ذلك لإتاحة الفرصة لتوضيح الصورة وتقديم المعلومة الصحيحة والبحث في مختلف المجالات بشكل معمق.
8- الاطلاع على الخطط والإستراتيجيات وخاصة رؤية الأردن 2025، ودراستها.

برنامج العمل:
الاستقبال والتسجيل 9:30- 10:00
الافتتاح: 10:00- 10:20

المتحدثون:
كلمة مركز القدس للدراسات السياسية، الأستاذ عريب الرنتاوي المدير العام.
كلمة مؤسسة كونراد أديناور، الدكتورة أنيت رانكو، الممثل المقيم في عمان.

الجلسة الأولى: المنظور الحكومي للاعتماد على الذات
كلمة راعي الحلقة الدراسية، معالي م. عماد فاخوري، وزير التخطيط والتعاون الدولي.
مناقشة عامة 10:20 – 12:00
استراحة قهوة 12.00 -12.30

الجلسة الثانية: قراءة في طريق الانتقال إلى الاعتماد على الذات

 كلمة معالي الدكتور جواد العناني، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الصناعة والتجارة والتموين السابق.
مناقشة عامة 12.30- 2.30

قائمة المشاركين:

  1. معالي المهندس عماد فاخوري وزير التخطيط والتعاون الدولي
  2. معالي الدكتور جواد العناني وزير الصناعة والتجارة السابق
  3. .أسعد العزوني كاتب صحفي ومراسل في جريدة الراية القطرية
  4. احمد الجالودي عضو قيادي في حزب الاتحاد الوطني
  5. أ.سالم الفلاحات قيادي في حزب الشراكة والانقاذ
  6. أ.سماح بيبرس صحفية من جريدة الغد
  7. أيمن البلبيسي المدير التنفيذي لجمعية مستثمري شرق عمّان الصناعية
  8. باسم كنعان مدير السياسات في وزارة التخطيط
  9. جميل النمري نائب سابق في مجلس النواب السابع عشر
  10. د. بارعة النقشبندي أستاذة العلوم السياسية في جامعة البترا
  11. د. خير الذيابات أستاذ االعلوم السياسية في جامعة اليرموك
  12. د. رلى الحروب الامينة العامة لحزب أردن أقوى
  13. د. زكي الأيوبي عضو غرفة التجارة الدولية عن الأردن
  14. د. زيد النوايسة استاذ علوم سياسية ومحلل سياسي
  15. د. سامر الرجوب أستاذ الاقتصاد في جامعة البتراء
  16. د. عدلي قندح رئيس جمعية البنوك الأردنية
  17. د. فوزي السمهوري رئيس جمعية جذور لحقوق الانسان
  18. د. محمد الحاج نائب سابق في مجلس النواب السابع عشر
  19. د. نظام بركات أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك
  20. د.رياض الحروب إعلامي مسؤول في قناة جوسات
  21. د.عبدالفتاح الكيلاني الأمين العام لحزب الحياة
  22. د.علي الشطي نائب سابق في مجلس النواب الرابع عشر
  23. د.مصطفى العماوي نائب سابق في مجلس النواب السابع عشر
  24. د.نبيل الكوفحي عضو مجلس المستشارين في حزب المؤتمر الوطني "زمزم"
  25. د.نضال الطعاني عضو مجلس النواب
  26. د.هيام كلمات عين سابقة
  27. سالم بدر الخطيب عضو مجلس الشورى في حزب جبهة العمل الاسلامي
  28. سامي شريم كاتب صحفي
  29. سعادة أ طلال الغزاوي أمين الصندوق في غرفة صناعة الزرقاء
  30. شاهر سليمان خبير أقتصادي
  31. ظاهر عمرو الأمين العام السابق لحزب الحياة
  32. عصام المجالي مدير وحدة الاعلام والاتصال في وزارة التخطيط
  33. فارس حمودة رئيس غرفة صناعة الزرقاء
  34. فرج طميزي الأمين العام للحزب الشيوعي
  35. فيصل ملكاوي كاتب صحفي في جريدة الرأي
  36. محمد الرحاحلة عضو مجلس محتافظة البلقاء
  37. محمد السعودي عضو هيئة إدارية في جمعية مستثمري شرق عمّان الصناعية
  38. محمد النابلسي امين عام المجلس الاقتصادي والاجتماعي
  39. مدالله الطراونة أمين عام حزب الوسط الإسلامي
  40. معالي د. صالح ارشيدات امين عام حزب التيار الوطني
  41. مؤيد غانم موظف في وزارة التخطيط
  42. نبيل غيشان عضو مجلس النواب
  43. نوليفر ابو ربيحة مسؤولة القطاع النسائي في حزب التيار الوطني وعضوة مجلس محافظة العاصمة
  44. يوسف القرنة نائب سابق في مجلس النواب السابع عشر

 

رابط الصور:
https://photos.app.goo.gl/f2FJ2GOCQOyvFWLs1