A+ A-
القطاع غير الرسمي في الاردن

2009-07-13

خبراء يناقشون وضع القطاع غير المنظم ويدعون الى سلسلة إجراءات للإستفادة من مخرجاته على سوق العمل

دعا خبراء إقتصاديون وإجتماعيون الجهات الرسمية لإيلاء إهتمام أكبر بقطاع العمل غير المنظم في الأردن، سيما وان هذا القطاع يحتل مساحة واسعة من أنشطة الإقتصاد.

وفي مائدة مستديرة عقدها مركز القدس للدراسات السياسية حول القطاع غير الرسمي في الاردن مساء أمس الأول وأدارها عضو المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي موسى الوحش، قال مساعد المدير العام في دائرة الإحصاءات العامة كمال الصالح أن القطاع غير المنظم يمثل جزءا مهما من الاقتصاد وبشكل خاص من سوق العمل في كثير من الدول وخاصة الدول النامية، ومنها الأردن. ففي الأردن يمتص هذا القطاع ما يزيد عن 30 بالمائة من المشتغلين فعلياً، وعليه فإنه يلعب دورا رئيسيا في التشغيل وخلق فرص العمل وفي العملية الإنتاجية وتوليد الدخل. وفي الدول التي تتميز بارتفاع معدلات النمو السكاني و/أو ارتفاع معدلات التحضر فإن القطاع غير المنظم يعمل على امتصاص الداخلين الجدد إلى سوق العمل نتيجة عجز قطاعات الاقتصاد المنظم عن استيعاب كافة اعداد الداخلين الجدد. هذا مع تضاؤل حجم هذا القطاع كلما زاد مستوى تطور البلد. وتزداد أهمية هذا القطاع الذي يشمل 17 نوعاً من الأنشطة في الأردن، كونه سهل الدخول فيه وصغر حجم رأس المال المطلوب لإنشائه، واستيعابه للعمالة غير الماهرة، وتواضع تقنياته.

وأكد الصالح أن القطاع غير المنظم يشكل تحديا لصانعي السياسات وخاصة بما يتصل بقضايا ظروف العمل والحقوق القانونية والحماية الاجتماعية للعاملين في هذا القطاع، وقضايا الترخيص والتسجيل القانوني، وقضايا التدريب وتطوير المهارات، وتنظيم المنتجين والعاملين، وقضايا الإصلاحات الاقتصادية والتنمية. ونظرا لأهمية القطاع غير المنظم، وفي ظل عدم وجود تعريف محدد وواضح لهذا القطاع سواء ما يتعلق بالمؤسسات الاقتصادية التي تمارس الأنشطة فيه أو العمالة التي تعمل فيه، فقد أصبح من الضروري إيجاد تعريف أردني لهذا القطاع يلبي الاحتياجات المحلية والدولية مما سيساعد في إلقاء الضوء على أوضاعه من كافة الجوانب.

أما مدير مركز الفينيق للدراسات الإقتصادية والمعلوماتية احمد عوض فتحدث عن اهمية حجم هذا القطاع على المستوى العالمي والمحلي، وقال أن هناك تفاوت كبير حول أحجام وأدوار هذا النوع من النشاطات الاقتصادية في الدول ولوحظ خلال مراجعة ما تم قياسه في مختلف أنحاء العالم من خلال دراسة لمنظمة العمل الدولية صدرت عام 2000 ان هناك تفاوت كبير في حجم هذا القطاع في العالم، فهناك بعض الاقتصاديات التي يشكل النشاط غير الرسمي فيها 10% من إجمالي الناتج المحلي وهناك بعض الدول يشكل هذا القطاع 70% من إجمالي ناتجها المحلي. ومع تطور الدول وتقدمها اقتصاديا وتقنيا ومجتمعيا ينخفض حجم القطاع غير الرسمي ودوره في الناتج المحلي. وقدم عوض العديد من الأمثلة من دول العالم التي تتراوح فيها احجام القطاع غير الرسمي ما بين 18% كما في الدول الأوروبية الغربية، و38% في الدول الاوروبية المتحولة ( الاشتراكية سابقاً)، و 26% في الدول الاسيوية، و42% في افريقيا. أما في الأردن فحسب آخر دراسة أجريت في عام 2000 قُدرت مساهمة هذا القطاع بـ 19.4%.

وفيما يتعلق بالأردن قال عوض أن القطاع غير الرسمي لا يخلو من التحديات، التي اهمها تنصب في ظروف العمل في هذا القطاع، وانخفاض مستويات الأجور في عن الحد الأدنى للأجور، وعدم انتظام الدخل فيه، وعدم وجود الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ناهيك عن تدني معايير الصحة والسلامة المهنية في موقع العمل. وأكد أحمد عوض أنه في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في الأردن وعدم قدرة القطاعات المنظمة على امتصاص العمالة، فإن المطوب تشجيع هذا القطاع وزيادة اعداد الداخلين فيه.

وتحدثت مديرة دائرة الرقابة الصحية والمهنية في أمانة عمان الدكتورة ميرفت المهيرات عن وظيفة دائرة الرقابة الصحية والمهنية التي انشئت عام 2009، والمتمثلة في التفتيش على المؤسسات للتأكد من حصولها على الترخيص المهني حسب القانون ومكافحة المكاره الصحية ومكافحة الظواهر السلبية مثل الباعة المتجولين وفحص العينات الغذائية للمؤسسات التجارية للتأكد من صلاحيتها.

وحددت بشكل قانوني من يندرج تحت إطار القطاع غير المنظم فقالت أنهم يتمثلون بـالبائع المتجول اي المتنقل من مكان الى آخر، والبسطات التي تعيق الرصيف، والتستر خلف البيع بالتسول، اضافة الى اي شخص يمارس المهنة ضمن حدود أمانة عمان ولا يملك ترخيص. وقالت في هذا الصدد أنه تم رصد 17 موقعا في مدينة عمان يوجد فيه بسطات وبائعين متجولين.

وأوضحت المهيرات أن الأمانة كجهة رقابية تعمل على مخالفة وملاحقة القطاع غير الرسمي بسبب نوعية البضاعة المتداولة فيه والتي عادة ما تكون رديئة وغير صالحة للإستهلاك، وعدم قدرة تطبيق التشريعات على العاملين في القطاع بسبب عدم وجود مكان محدد لهم، وتهربهم من التسجيل ومن دفع الضرائب والرسوم، وإخلال هذا القطاع بالأمن والنظام واستغلال الأرصفة وإعاقة حركة المواطنين، واستيعابه للعمالة الوافدة غير المؤهلة صحيا، واستغلاله للعمالة خاصة النساء والأطفال، والمكاره الصحية الناتجة عنه، اضافة الى كون هذا القطاع يعيق تطور المؤسسات الاقتصادية.

من جهتها قالت حنان علان مديرة المشاريع المنتجة في إتحاد المراة الأردني انه ومن خلال برامج الإتحاد وجدنا ان هناك نسبة عالية من النساء يعملن في القطاع غير المنظم، مشيرة في هذا الصدد أن هناك وحدة تدريب وتأهيل وتمكين النساء في الإتحاد، تعمل على تلبية الطلبات اللانهائية للنساء المراجعات لمحاولة الحصول على عمل، عبر اشراكهن في القطاع غير المنظم، اضافة الى تدريبهن على كيفية ادارة المهنة، وتسويق منتجاتهن.

وأوضحت علان أنه في ظل عمليات الخصخصة وتراجع دور الدولة، بات للقطاع غير المنظم اهمية كبرى لا يمكن التغاضي عنها. فدور هذا القطاع كبير في الناتج القومي إلا أنه غير مقيّم اقتصادياً. ومن هنا فمن المهم تنظيم هذا القطاع والتعاون مع أمانة عمان في فتح اسواق لتسويق منتجات هذا القطاع.

وحول النساء العاملات في المناطق الصناعية المؤهلة، بينت علان انهن لا يتمتعن بالحد الأدنى من الحقوق او الحماية، كونهن غير خاضعات لقانون العمل ومعايير ظروف وساعات العمل.

أما يحيى البريزات من مؤسسة نهر الأردن فدعا لوجود جهة تتبنى المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومشاريع الأسرة، وعرض نبذة عن مشاريع مؤسسة نهر الأردن مبيناً أن جزء منها موجه للمجتمع والاسرة، وتشمل ابناء المنطقة الخاضعة لإطار الرنامج ويتم العمل من خلال هيئات محلية في المنطقة. أما فيما يتعلق بالأسرة فيتم تقديم قروض للجمعيات والمؤسسات التي تقدمها بدورها للأفراد مشيرا الى أن الهدف من هذه المشاريع ايجاد شراكة حقيقة مع المؤسسات المحلية بالتركيز على المشاريع الإنتاجية التي تساهم في الحد من البطالة والفقر. وقال أن ثمة 670 الف مستفيد من مشاريع المؤسسة، منهم 60% اناث و40% ذكور، مشيراً الى ان المؤسسة استطاعت خلق 40 الف فرصة عمل، وعملت مع 72 هيئة محلية وتعاونية.

وتحدثت الباحثة في شئون التنمية عروب العابد عن دور القطاع غير المنظم في إستيعاب سكان المخيمات في الأردن كما تحدثت عن الفرص الإقتصادية المتاحة أمام هؤلاء المواطنين.

وقالت أن الدولة الأردنية وبالتعاون مع الأونروا عملت على توظيف العمالة من ابناء المخيمات ودمجهم في سوق العمل بشكل سريع، عبر اشراكهم في القطاع غير الرسمي، وذلك من خلال فرص التعليم التي قدمتها الحكومة بالتعاون مع الأونروا، وفرص التدريب المهني، الى جانب الوضع المالي الجيد لبعض فئات اللاجئين.

وأكدت العابد انه في ظل تراجع القطاع العام عن امتصاص الاعداد الكبيرة من الداخلين الى سوق العمل، ومع تراجع حجم المساعدات المالية والتحويلات المتأتية من الخارج، بات من الضروري تشجيع القطاع غير الرسمي. ولفتت العابد الانتباه الى ضرورة التمييز بين القطاع غير المنظم، والقطاع غير المشروع، او الاقتصاد الأسود كما تسميه بعض الدول، كون الاخير يتعامل بالأنشطة غير القانونية مثل التهريب او المخدرات او ما شابه.

هذا وخلصت الورشة إلى سلسلة من التوصيات من بينها:
1) تسهيل إجراءات تسجيل العاملين في القطاع غير الرسمي وتخفيض كلفة التسجيل ورسومه وشروطه.
2) وتكثيف الجهود الرامية لتسجيل وترخيص الأعمال والمهن التي تجري في المنازل، أو تتخذ منها مقارا للأعمال (Home Oriented Businesses) مع مراعاة كافة الضوابط والمعايير اللازمة لضمان عدم التعدي على حقوق السكان والجوار.
3) تشجيع أمانة العاصمة والبلديات على التعامل بروحية "حقوق الإنسان" مع الباعة المتجولين وأصحاب البسطات وغيرهم من العاملين في هذا القطاع.
4) تشيجع العاملين في القطاع على الانتساب للنقابات الموازية لمهنهم والطلب إلى هذه النقابات تسهيل أمر عضويتهم حتى وإن تطلب ذلك إدحال بعض التعديلات على أنظمتها وقوانينها.
5) تشجيع العاملين في القطاع على تشكيل جمعياتهم ومنظماتهم التمثيلية للدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم.
6) حث النقابات وخاصة نقابة العاملين في الغزل والنسيج على حماية حقوق العاملين في القطاع بشكل عام، وفي المناطق الصناعية المؤهلة بشكل خاص.
7) حث الجهات الحكومية والأهلية ذات الصلة على التوسع في تقديم القروض والمساعدات لمساعدة العاملين في هذا القطاع والقادمين الجدد إلى سوق العمل على إقامة المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر لامتصاص فائض العمالة.
8) حث الحكومة والقطاع الخاص على إنشاء شركات كبرى لتسويق فائص انتاج العاملين في القطاع غير المنظم، وبما يحقق الفائدة المشتركة لهذه الشركات والعاملين في القطاع غير الرسمي عبر فتح أسواق جديدة وضمان وصول منتجاتهم وخدماتهم لأوسع فئات ممكنة من المستهلكين داخل البلاد وخارجها.