A+ A-
التجربة البرلمانية الأردنية في ثلاثين عاما

2019-02-09

من هنا الى اين؟
أيتها السيدات والسادة!
اسمحوا لي ان اتوجه باسمكم بالشكر الجزيل لمركز القدس للدراسات ومؤسسة كونراد أديناور الالمانية والقائمين على تنظيم هذه الورشة حول شؤون الديمقراطية والتنمية السياسية، وارجع بكم بالذاكرة إلى مبادرات , وندوات مركز القدس/ أديناور المتواصلة ومخرجاتها حول هذا الموضوع بالذات والتي شارك فيها معظم الاردنيين وأصبحت مرجعية معلوماتية سياسية لمكونات العملية السياسية للداخل والخارج ومحطة تستحق منا الشكر والتقدير.
تطرقت الورقة إلى ثلاث محاور أساسية هي:

أولا :مراحل ولادة التجربة الديمقراطية من جديد
ثانيا: عملية تقييم 30 سنة لمسيرة الديمقراطية، ثالثا :المطلوب للوصول إلى الديمقراطية المتجددة والحكومات البرلمانية.

اولا
:
مراجعة مراحل مسيرة الحياة الديمقراطية!
لقد مرت ثلاثون سنة على عودة الديمقراطية الاردنية عام 1989 والتي، وكما تعلمون، هيأت الظروف لقدومها وحفزت عودتها آنذاك مجموعة احداث عالمية واقليمية ومحلية أهمها،سقوط جدار برلين وانهيار المعسكر الشرقي، وفك الارتباط الإداري والقانوني الاردني مع الضفة الغربية والوضع الاقتصادي الصعب للأردن، وهبة نيسان المعروفة.تلك الاحداث التي استشرف تداعياتها الملك حسين واخذ قرار تاريخيا شجاعا بتغيير النهج السياسي والاقتصادي الأردني السائد آنذاك وخلق منعطف حياتي جديد للأردنيين الهم النخب والمواطنين على السواء، والذي عبر عنه الملك بالدعوة التي ادت الى اجراء انتخابات نيابية نزيهة وانفتاح كامل على القوى السياسية بكل فصائلها السياسية وممارسة اجراءات حكومية أدت الى اتباع النهج الديمقراطي في مسيرة النظام السياسي الأردني وعظمت المشاركة السياسية الشعبية والفكرية في العمل العام والانتخابات النيابية،وهو القرار الذي وحد الاردنيين كافة بعد احداث معان، واخرج الاردن من عنق الزجاجة الى بر الامان حيث وصلت الأحزاب والقوى الوطنية المختلفة الى البرلمان بزخم كبير وخصوصا جماعة الاخوان المسلمين، وجماعة الطيف القومي.

لقد عبرت بنود ومخرجات اللجنة الملكية للميثاق الوطني التوافقية التي شكلها الملك حسين من مختلف الأطياف السياسية والفكرية والاجتماعية والثقافية والشعبية عام 1991 وبارك مخرجاتها في مؤتمر عام، عبرتعن مستقبل سياسي جديد لمسيرة الأردن السياسية مبني على فلسفة تبني نهج الدولة المدنية الحديثة ونهج الديمقراطية المتجانسة مع روح الدستور الأردني وفكر الهاشميين التقدمي والسعي لخلق مؤسسات ديمقراطية شبه رسمية، تشارك في تحمل المسؤولية الوطنية عبرت عنها نتائج الانتخابات الحرة النزيهة ومجالس النواب المنتخبةالوطنية والحكومات السياسية المتتالية، التي بشرت وانجزت مسيرة ديمقراطية نشيطة افرجت عن قوانين الحريات والأحزاب والمطبوعات وألغت الأحكام العرفية.ونشطت الحياة الحزبية السياسية بكل أطيافها المختلفة الوسطية والمحافظة والقومية واليسارية وتوحدت معظم أطيافها السياسية و أوجدت بيئة صديقة للأحزاب لدى الشعب والنخب والمؤسسات الرسمية رغبة منها عدم التزاحم ولكن الحياة الحزبية وبعد فترة من حرب الخليج الثانية ومن توقيع السلام مع اسرائيل عادت معظمها وتفرقت ثم تقوقعت وازداد العزوف الشعبي عن الانضمام إليها.
ذلك النظام الديمقراطي الاردني، هو ما حلم بتحقيقه الملك الراحل حسين وذلك النظام هو ما تشوق إليه الأردنيون من مختلف الأصول والمنابت وما زالوا ، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي به السفن!في عهد الملك عبدالله الثاني الذي بدأه بمبادرات حداثية سياسية واقتصادية لتعزيز اندماج الأردن في الاقتصاد العالمي والانضمام الى اتفاقية التجارة العالمية وخصوصا مبادرات 2002 ومبادرة الاجندة الوطنية 2005 وهي مشروع اصلاحي ورؤية شاملة لـ مسيرة الدولة الاردنية تحتوي 9 مخرجات اصلاحية بنيت على روح الميثاق الوطني، توافق علية النظام السياسي والنخب والمؤسسات السيادية والتي أعادت الروح والحياة للعمل العام والعمل الحزبي بشكل خاص بعد ان خصص تشريع الاجندة الوطنية فصولا للعمل السياسي الديموقراطي ودور البرلمانات والأحزاب السياسية ،تلك المسيرة تعثرت ايضا بسبب دخول الإقليم ودولة في تداعيات احتلال العراق عام 2003 والتي استمرت لسنوات طويلة أثرت بنتائجها على اقتصاد الاردن وامنه وفرضت أولويات جديدة على الساحة الاردنية مست الحياة الحزبية والعمل العام.

جاءت أحداث الربيع العربي عام 2011 لتخلق اوضاعا جديدة في الاقليم ودوله فقد انهارت انظمة تونس مصر ودخلت سوريا واليمن والعراق وليبيا في صراعات داخلية مسلحة ولا زالت دول الاقليم تعاني من ذلك حتى اليوم.
ونجا الاردن من تداعيات الربيع العربي السلبية المعروفة بالفوضى بفضل حكمة القيادة وتضحيات وحرص الشعب على منجزاته واستعداد الاجهزة الامنية لفوضى الربيع العربي وتلاقت القيادة العليا مع تطلعات وطموحات المواطنين والنخب السياسية وشكلت لجنة حوار وطني من مكونات المجتمع الاردني انتجت وثيقة اصلاحية تتعلق بتعزيز الحياة الحزبية وقانون انتخابات جديد حيث تم إجراء انتخابات نيابية على نصف مخرجاتها،رافقها اصدار جلالة الملك للأوراق النقاشية الملكية وهي وثائق اصلاحية شاملة تعكس فلسفة الحكم للدولة المدنية والحكومات البرلمانية ودور أكبر لمؤسسات المجتمع المدني والاحزاب وتعزيز مفهوم المواطنة وتعظيم المشاركة الشعبية في العمل العام بالرغم من بروز ظاهرة الإرهاب العالمي التي ضربت دول الاقليم والعالم واوقفت الى حد ما التنمية السياسية في الدول.اليوم نتساءل ما الذي كبح مسيرة الديموقراطية وهي تكمن في مضامين الرؤية الملكية في الاوراق النقاشية، وكيف هي تقييمات لمجالس النواب الثمانية ودورها في رسم السياسات والمراقبة والتشريع، وكيف كان أداء الأحزاب السياسية في ظل تغيير قوانين الانتخابات والأحزاب، وكيف هي قناعة النظام السياسية بمستقبل الديمقراطية.
 
ثانيا:
تقييم التجربة الديموقراطية بعد مسيرة 30 سنة!
بعد مرور ثلاثين عاما على عودة الديمقراطية والتوافق على الميثاق الوطني، كيف تقيم النخب السياسية والفكرية مسيرة الديمقراطية الاردنية وادواتها البرلمانات والأحزاب ومؤسسات العمل المدني وكيف ينظر النظام السياسي الى مجمل العملية السياسية وأدوار مكوناتها.مجالس النواب!،تعاقبت ثمان مجالس نيابية على الفترة الماضية منذ 89 كان اقواها مجلسا النواب الحادي عشر عام 1989 والثاني عشر عام 1993بالرغم من أن اجرائها كان قد تم على قانون الصوت الواحد الجدلي، فقد كان التمثيل الحزبي والنقابي والنخبوي في اعلى تواجده البرلماني واعلى درجاته الرقابية والتشريعية والسياسية. تميزت الارادة السياسية العليا في تلك الفترة بمساندتها لسقف حرية التعبير النيابي العالي، وواضحة في لمجلسين النيابيين والمؤسسات الوطنية مما ادى الى انجاز ملفات سياسية كبيرة وشائكة على مستوى الوطن خلال فترة المجلسين، هما ملف السلام مع إسرائيل وتوقيع اتفاقياته ملف الميثاق وإطلاق التنمية السياسية وقوانين الحريات والأحزاب.تراجعت قوة المجالس المتتابعة الثالث عشر عام 2007 حتى الثامن عشر الحالي عام 2016 بالرغم من طرح مشاريع الإصلاح والمبادرات الملكية كما في الاجندة الوطنية ولجنة الحوار الوطني، حيث ساهم تغير القوانين الانتخابية عدة مرات في التراجع النيابي السابق مثل ( قانون القائمة الوهمية ) و قانون القائمة الوطنية وآخرها قانون القائمة النسبية المفتوحة على مستوى الدائرة الانتخابية. رافق تلك الفترة غياب دعم الارادة السياسية العليا للانتخابات النزيهة ووفاة الملك الباني المرحوم حسين، حيث لعبت كل تلك الأسباب دورا في تبدل قوة وتمثيل النخب السياسية البرلمانية في المجالس النيابية وتراجع المشاركة الفكرية والحزبية الحقيقية بالرغم من تضاعف عدد الاحزاب السياسية المرخصة وخصوصا أثناء فترة الربيع العربي حتى اليوم.

الحياة الحزبية!
تعتقد معظم الاحزاب ان الادارة العليا للنظام السياسي لديها المرجعية الدستورية والحافز العالمي والرغبة الذاتية في الإصلاح السياسي والتغيير والدليل على ذلك التزام مجموعة المبادرات الملكية الأردنية من الميثاق الوطني الى الأوراق النقاشية ووجود مؤسسات التنمية السياسية بمظلة الدستور الأردني الذي يشكل الركن الفلسفي والشرعي للديموقراطية. وتعتقد ان مؤسسات الحكم لا زالت لم تأخذ قرارا بالاعتراف بالأحزاب كخيار استراتيجي دائم للعمل السياسي الحقيقي المؤثر جزءا من النظام البرلماني السياسي في مسيرة الدولة ولا زال الجدل قائما بين الاحزاب والمؤسسات الحكومية حول تعريف الحزب في قانون الأحزاب وحق الأحزاب بالتنافس على تداول السلطة التنفيذية من خلال الانتخابات الدورية و تشكيلة مجلس النواب. وتعتقد ان الادارة العليا للنظام السياسي لم تحسم قرارها النهائي في توقيت بدء مسيرة الاصلاح السياسي باتجاه الحكومات البرلمانية ودور الاحزاب فيها، ومآله النهائي، وذلك بحجة ان الحياة الحزبية ومكوناتها الشعبية والمحفزة لم تنضج بعد لتولي مسؤولياتها. وتعتقد ان نشاط الأحزاب المختلفة الاطياف الحالي ومؤسسات المجتمع المدني موجودة فعلا كخيار مواز للتوجه الديمقراطي العام في الدولة الاردنية .وتعتقد ان القوائم الوطنية في قانون الانتخاب لعام 2013 شكل بداية اعتراف بدور الأحزاب في البرلمان، والتي قامت الحكومات لاحقا بإلغائه واعتباره فاشلا لم يحقق الهدف، بالرغم من وصول 8 قوائم حزبية إلى قيادة مجلس النواب ولجانه المهمة.تعتقد ان الاوراق النقاشية الملكية ومشروعها النهضوي ألهمت القوى الوطنية والنخب السياسية ،ولكن مضامينها التقدمية الاصلاحية والتنموية جمدت بالرغم من استمرار الحديث عن الحكومات البرلمانية ودور الأحزاب الأساس فيها، كخيار استراتيجي للعمل السياسي. تعتقد ان العمل الحزبي اليوم أمام حالة من الشك والحيرة والخوف، من جدية الحكومات وعدمه تجاه الاعتراف بدورها، بعد تلك السنين الطويلة من الحوارات مع مؤسسات التنمية السياسية الرسمية، تعتقد ان استمرار الترخيص للعشرات من الأحزاب الجديدة، زاد من الشكوى العامة من ضعفها، وعمق حالة العزوف الشعبي وازدياد القناعة لدى المواطنين حول عدم وضوح دور الأحزاب في المجتمع الاردني، تعتقد ان معظم الأحزاب لا تملك اليوم أدوات تحقيق معايير عمل الأحزاب الحقيقي في النظام الديمقراطي مثل التنمية السياسية والتثقيف السياسي والتعبئة والحشد والتعبير عن فعاليات المجتمع المدني قياسا بأدوار وأدوات مؤسسات رسمية مثل وزارة التنمية السياسية ومؤسسات اخرى.تعتقد الاحزاب ان دورها كإطار واضح للعمل السياسي الجماهيري المنظم ودورها في خلق راي عام واعي ومنتظم، مغيب تماما بسبب كثرة عددها داخل الطيف الواحد( 30 حزب وطني وسطي)، وضعف استقطابها العدد الجماهيري الكافي الذي يفرض قيما جديدة وأساليب عمل جديدة لإدارة التناقضات على الساحة. تعتقد الاحزاب ان احداث ايار عام 2018 برهنت أن النقابات المهنية والمؤسسات الشبابية التي تصدرت الحراك، كانت محفزة والاقرب لذلك الدور الجماهيري حيث لم يتم التنسيق كالعادة في الحركات الجماهيرية فيما بين المؤسسات المدنية والأحزاب، واتهمت الأحزاب أنها لم تشكل القناعة بعد لدى المجتمع الاردني بأنها الإطار المنشود للعمل السياسي المنظم وأنها تراجعت عن أهم ادوارها المتعارف عليها. تعتقد الاحزاب ان معايير نجاح العمل الحزبي في التنمية السياسية والنشاط السياسي اليومي لا يقاس بما لدى مؤسسات التنمية السياسية الرسمية وما لديها من أدوات ومنصات إعلامية رسمية وادوات تشريعية مؤثرة لإنفاذ أي قرار او تشريع برلماني وحكومي بحق التنمية السياسية دون الرجوع احيانا الى الاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني. تعتقد الأحزاب ان أدوات التثقيف السياسي بالمشروع النهضوي و الأوراق النقاشية وغيرها من الملفات الأخرى اقوى مما تملكه الأحزاب الخمسين ، ولا يمكن قياس إمكانات الأحزاب في التثقيف والتمكين والتوعية، بما في أيدي المؤسسات الرسمية والإعلامية من قدرات هائلة إذا ارتأت المؤسسات البدء فيها.تعتقد الأحزاب عدم توفر البيئة السياسية والاجتماعية الرسمية والشعبية الصديقة للعمل الحزبي وهي رسميا تحت كابوس ارث تجربة حكومة النابلسي البرلمانية في الخمسينيات، حيث وصمت تلك الفترة التجربة الحزبية بأنها كانت صدامية ولم تتكيف ولم تكن جزءا من النظام السياسي بالرغم من جماهيريتها و أغلبيتها البرلمانية، واعتبرت متضادة مع النظام، وتم إجهاضها. تعتقد الاحزاب ان تجربة حكومة النابلسي شكلت تداعياتها الاجتماعية والسياسية خلال فترة الأحكام العرفية الطويلة عزوفا مزمنا عن العمل العام والحزبي وكونت حكما سلبيا على الحزبية في الفهم السياسي الجماهيري استمر لسنوات حتى اليوم،أوجدت تداعيات تجربة النابلسي الحزبية في المجتمع الأردني، وخصوصا بين النخب العامة أنصار دائمين، لا زالت تباشر اليوم بعدم جدوى الأحزاب والنظام الديمقراطي في المجتمع الاردني والإصرار على إبقاء ميزات مفاهيم الثقل الجهوي مسيطرا في قوانين الانتخاب وسائد، بالرغم من انخراط العشائر في الأحزاب وقيادة غالبيتها.العامة والتنمية الشاملة والتحديث ،كما ان لدى مؤسسات الدولة الإدارية أدواتها السياسية في العمل الجماهيري الحاشد تعتقد الاحزاب ان النظام السياسي هو الذي يقرر الإطار للعمل الحزبي وتطوره باعتبار أن الحزب السياسي يقع كعنصر من العناصر التي تنظمها القوانين، لذلك نحن نعتقد ان قناعة النظام السياسي والعمل الحزبي، كخيار استراتيجي هي الأساس في تنشيط الحياة الحزبية وتعظيم المشاركة السياسية في العمل العام وفك العزوف الشعبي وتغير موقف قوى الشد العكسي منها.

الخلاصة!
الاحزاب امام واقع مأزوم بكل ابعاده وامام بنية غير مواتية للتطور السياسي المتراكم للعمل السياسي وأمام تباين الخطاب السياسي مع الواقع والسلوك وهي بسبب ذلك متهمة بالقصور وبأنها تريد ان تخدم نفسها وقياداتها بالمكاسب على شكل مقاعد نيابية ومجالس محلية ، وهي اذا استمرت على مسارها الحالي الغير مؤثر في الحياة السياسية ستصبح أقرب إلى المؤسسات الاجتماعية منها الى مؤسسات العمل السياسي وسيبقى التأييد الشعبي لها محدودا متراجعا.

ثالثا: من هنا الى اين؟
اليوم تعتقد الاحزاب ان فلسفة النظام السياسي لمستقبل الأردن كما حددها الملك ، يكمن في الانتقال الى الديمقراطية المتجددة والحكومات البرلمانية، وهي ترتبط بقناعة النظام السياسي بالعمل الحزبي، كخيار استراتيجي للعمل السياسي فلا ديمقراطية بدون أحزاب، وهي الأساس في تنشيط الحياة الحزبية وتعظيم المشاركة السياسية في العمل العام، وفك العزوف الشعبي، والية لتغير موقف قوى الشد العكسي منها. نمو الأحزاب السياسية مرتبط بنمو الدولة الحديثة ولا يمكن للأحزاب ان تؤدي وظيفتها إلا إذا كان النظام السياسي والاجتماعي يقدم لها فرص التكوين ويحدد لها دورا واضحا في النظام السياسي الاردني .
نحن نعتقد اليوم انه وبعد مرور ثلاثين عاما على عودة الديموقراطية فلنا الحق ان نأخذ جوابا صادقا من الادارات العليا على كل تساؤلاتنا الكثيرة التالية. هل هناك ارادة ايجابية عليا في ان تصبح الاحزاب الخيار الاستراتيجي للعمل السياسي والية مقبولة لبدء انتاج مسيرة الحلم الموعود الحكومات البرلمانية والقبول بكل تداعياتها واجراءاتها التنظيمية والقيمية؟اذا كان الجواب ايجابيا وبنعم! فنحن نقدم تصورنا التالي للوصول الى الحكومات البرلمانية:

خارطة الطريق لتفعيل المسيرة الديمقراطية!
لقد طرح الملك مشروعا نهضويا عربيا شاملا من خلال الأوراق النقاشية الملكية يعكس من خلاله فلسفة الحكم السياسية، هدفها الوصول الى الدولة المدنية الحديثة من خلال الحكومات البرلمانية القائمة على تآلف الأحزاب المكونة للأغلبية في مجلس النواب أيدته وتوافقت عليه كل القوى الوطنية. المطلوب تبني الحكومات رسميا لهذا النهج ، واعتباره مشروع الاردن النهضوي، والإعلان عن تنفيذ مضامينه رسميا.
ويتطلب تنفيذ مضامينه وأهدافه بالوصول بالأردن الى الدولة المدنية الحديثة، تفعيل مشاركة المكونات الخمسة للأوراق النقاشية بدءا بما يلي:
• قيام الحكومة وبإرادة ملكية سامية، بتشكيل لجنة وطنية( مؤتمر وطني ) للتوافق حول أولويات مخرجات الأوراق النقاشية ووضعها في ميثاق وطني ملزم للجميع حسب روح الدستور ، وخلق بيئة تشريعية وسياسية واعلامية رسمية وشعبية لتنفيذ بنوده الاصلاحية الشاملة، وأهمها ما يتعلق بتعظيم المشاركة الشعبية والسياسية لينمو العمل العام وتنمو الأحزاب وتصبح فاعلة ومسؤولة .
• تفعيل شرعية العمل الحزبي ومؤسسات المجتمع المدني من خلال اعتراف الحكومات بالأحزاب تشريعيا، شريكا وركنا في النظام البرلماني الأردني، من خلال إدراج قائمة (متدرجة) مخصصة للأحزاب في قانون انتخاب يكون توافقي يرسخ النهج الديمقراطي والتعددية السياسية والوحدة الوطنية لإنصاف المرأة، وتعطى الأحزاب فرصة للتنافس الحر للفوز بثقة المواطن .
• إعلان الحكومات من خلال التشريع ،حق الأحزاب والقوى المدنية في تداول السلطة التنفيذية سلميا ،من خلال التنافس على صندوق الانتخاب ومن خلال تعديل قانون الأحزاب الحالي، باعتبارها مؤسسات تمثيلية منتخبة تعبر عن التعددية السياسية وحلقة وصل بين المواطن والسلطات،.
• التزام الحكومات والمؤسسات العامة والخاصة برؤية الملك المستقبلية بمبدأ الحكومات البرلمانية و اعتباره مطلب سياسي عام مطلوب تحقيقه، وهي باختصار ،مرتبطة بالنظام الديموقراطي المتجذر في الدولة الحديثة، ووصول القوى السياسية والاحزاب الى البرلمان.
وقد تكون الكتل البرلمانية البرامجية الصلبة هي احدى محطات الولوج الى العمل الحزبي وليس منافسا له بل شريكا فيه واحد اهم مكوناته.
• التزام المؤسسات الرسمية بتطبيق مفهوم ديمقراطية النظام السياسي وعلى رأسها نزاهة وسهولة إجراء الانتخابات الدورية واستيعاب مؤسسات الدولة لكل المكونات الاجتماعية والعرقية والثقافية والمساواة أمام القانون.
• إعطاء اولوية الإصلاح السياسي للخروج من المأزق العام وضرورة ربط عملية الإصلاح الاقتصادي بالسياسي، وضمان تواجد مجالس تشريعية تكون مرافقة لعمليات الإصلاح الاقتصادي قادرة على الرقابة وضبط التجاوزات ومحاربة الفساد مؤسسيا ،
• اهمية انتخاب مجالس نيابية سياسية تمثل المجتمع الاردني تمثيلا حقيقيا بقواه السياسية والاجتماعية مع ما يتطلبه ذلك من تغير جوهري في قانون الانتخاب لينمي الوعي السياسي والحزبي ويؤدي الى تمكين الاغلبية البرلمانية الحزبية من تشكيل الحكومة البرلمانية مستندة إلى أحزاب برامجية وطنية وحضور حزبي في مجلس النواب يحقق الشراكة الحقيقية الفعالة في صنع القرار الوطني .

- ورقة عمل قدمت في المؤتمر الوطني "30 عاماً على استئناف الحياة الحزبية والبرلمانية في الأردن"، والذي نظمه مركز القدس للدراسات خلال الفترة 29- 30نيسان/ ابريل 2019، في الاردن- عمان.