تغييرات مرتقبة في سورية

2008-04-15

منذ اغتيال القيادي الابرز في حزب الله عماد مغنية، تدفقت حزم من التقارير المتضاربة، ولا تزال لتفسير عملية الاغتيال، ولها ما يربطها في اطاري التحقيقات والتوتر السوري السعودي. ففي الجانب السوري تتحدث تقارير عن ازاحة اللواء آصف شوكت عن الاستخبارات العسكرية السورية، واتجاه عقيلته بشرى الاسد للاقامة في الامارات. وبالمقابل في الجانب الذي يشير باصابع الاتهام لسورية بالضلوع في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري تحدثت تقارير عن اختفاء زهير الصديق في فرنسا، وهو الشاهد الرئيس أو (الملك) في القضية، ونوايا ترحيل الملف الى 2009، ودفع السعودية لدمشق عدم نشر تحقيقها في اغتيال مغنية.

وباستمرار صمت وعزوف دمشق عن الرد على التقارير، وعدم جلاء نتائج التحقيق حول اغتيال مغنية، تبقى امكانية الطعن بالتقارير المكثفة من المعارضة في الخارج واردة، خصوصا اذا ما استمر شوكت في موقعه او تبوأ موقعا موازيا يبدد الجدل الدائر حول وجود خلافات في اوساط النظام، واظهرت نتائج التحقيق ضلوع جهات اجنبية موثقة في الاغتيال، وعندها سيبقى القول أن زخم التقارير هذه، ما هي الا حرب اعلامية بامتداداتها العربية والدولية، وبهدف زعزعة الثقة في النظام واركانه وتفكيك مفاصل محور الممانعة.

ولكن الثابت هو أن دمشق في ورطة، لان حزب الله وايران يضغطان باتجاه نشر التحقيقات، وبالتالي فإن التأجيل اذا ما قدر له ان يتحول الى صفقة، لن يكون الا بما يلبي جانبا هاما من مصالح حزب الله وايران في تثبيت اقدامهما اكثر في المنظومة السياسية والعسكرية السورية. وخصوصا مع وجود شكوك متاصلة لدى حزب الله وايران في مدى رصانة المؤسسة الامنية السورية، وهو ما يضع الرئيس امام مأزق جوهري لم يستطع حتى والده الراحل وضع حد له، وهو تنافس القوى الامنية، وتعدد مرجعياتها، ووجود مظاهر فساد، ومحسوبية، تسهل عمليات الاختراق الخارجي التي يدفع الرئيس وحلفاؤه ثمنا غاليا نتيجتها.
 
ولذلك لا ينتفي القول عن امكانية ان يكون الاسد على وقع ضعف ثقته بقدرة اجهزته الامنية في التعامل مع المستجدات الدقيقة التي تواجه البلاد في هذه المرحلة الدقيقة من الاستقطاب والاستقطاب المضاد، مقدم على اجراء تغييرات كبيرة هدفها ترسيخ دعائم النظام، وتحسين صورته في الداخل والخارج.

واخيرا يمكن القول إن اتجاه التصعيد الامريكي في المنطقة اخذ يغلب على التبريد، وأن اسرائيل وفرنسا ليستا في هوى التصعيد الذي تحث اليه واشنطن مع دمشق التي لم تعد تستطيع التحليق بمعزل عن حلفائها.
 
الغاز اختفاء الشاهد الرئيس ضد سورية في اغتيال الحريري
قالت مصادر غربية إن فرنسا تبحث هذه الأيام في عودة فتح خطوط جديدة مع دمشق بخصوص الملف اللبناني. واعتبرت المصادر أن الفرنسيين يعتزمون طرح "أفكار" جديدة لدعم المبادرة العربية لحل الأزمة الرئاسية في لبنان. وأكدت المصادر أن "باريس تصوغ أفكاراً من شأنها أن تؤدي إلى ما سمته (تحفيز دمشق على لعب دور إيجابي) في الأزمة اللبنانية من أجل التوصل إلى حل، وكل ذلك في إطار مبادرة جامعة الدول العربية لانتخاب رئيس الجيش العماد ميشيل سليمان رئيساً توافقياً للبنان، كخطوة أولى من ضمن سلة (حلول) متكاملة".

يأتي هذا عقب تقارير تحدثت عن اختفاء الشاهد محمد زهير الصديق وعائلته، وهو اللاجئ في فرنسا قبل فترة وجيزة، وبعضها تدعي انه طرد للسعودية قبل تسعة اشهر بناء على اوامر رئاسية فرنسية، وبطلب من دمشق التي هددت بوقف التعاون الأمني مع باريس، خصوصا بشأن الحركات الاصولية الناشطة في اوروبا انطلاقا من الشرق الاوسط.
 
وقد اكد وزير الخارجية الفرنسي اختفاءه بعد أن كان خاضعا للمراقبة، وقال إن كل ما يعرفه أن الصديق كان موضوعا في السابق تحت الإقامة الجبرية
وبحسب تقارير صحفية، فقد نقلت الداخلية الفرنسية مسألة مراقبته من جهاز حماية الشخصيات الأرفع في فرنسا المعروف بـ"raid"الى جهاز آخر يتبع للشرطة الفرنسية "crs"، وهو جهاز أقل خبرة، وصار يغادر منزله بصورة غير دورية قبل أن يختفي نهائيًا بحسب الخارجية، في 13 آذار ،علما بأنه غير ممنوع من السفر، وقد سافر مرات عدة إلى دول أوروبية وعربية.
والمعروف أن الشاهد الصديق كان الشاهد الملك في مرحلة المحقق الالماني ميليتس وهي المرحلة التي تميزت بالتركيز على ان سورية هي التي تقف وراء الاغتيال، ولكن الصديق لم يتمكن من اثبات رصانته كشاهد عدل، وتقاذفته تهم الكذب والاحتيال والمأجورية، وبدا كمن لقن بما هو مطلوب منه، وهو مطلوب للقضاء في لبنان كمشتبه به في القضية، ولكن فرنسا التي سجنته فترة، لم تسلمه علما انه نال حصانة من حكم الاعدام بحسب مذكرة رسمية من الرئيس السابق اميل لحود.

وبعد اختفاءه نقلت الـ لوفيغارو اليمينية الفرنسية عن مصدر وصفته بـ " المطلع على الملف " قوله إن الصديق كان مجرد سائق عند ضابط سوري " اتصلت به " أوساط النائب سعد الحريري العاملة مع ديتلف ميلس قبل ترحيله إلى السعودية، وحاولوا تلقينه معلومات آتية من الخارج"، و" إنه شاهد زور، اعترف أمام البوليس بأنه دفع له ليقول ما تم تلقينه له بغرض جعل التحقيق يتقدم حسب رغبتهم ".

وقد أكد مصدر حقوقي في مكتب المحاماة الذي يملكه المحامي الفرنسي غييوم سيلنت ، محامي الصديق أن طرد هذا الاخير جاء بامر من الرئيس الفرنسي قبل حوالي تسعة أشهر. ومضى الى ان ساركوزي أخبر العاهل السعودي خلال زيارته إلى فرنسا في 21 حزيران / يونيو 2007 بأن فرنسا تريد التخلص من هذه المهزلة، لأنه بات يشكل عبئا سياسيا وأمنيا وأخلاقيا وقانونيا عليها بعد أن ثبت لديها أنه مجرد شخص محتال ومأجور، ولم يكن في يوم من الأيام على أي علاقة بالمخابرات السورية. وان الملك قبل إقامة الصديق مع أسرته في السعودية.

واتهم حزب الله فرنسا باخفاء الصديق، وقال البعض إن الهدف هو التأكيد على ان سورية قتلته بوصفها اكثر المستفيدين من ذلك.
وفي التقديرات ان اختفاء الصديق له علاقة بانتهاء ورقته فرنسيا بعد ان رفعت عنه الحماية نسبيا، ما يعني اهتمام من احضره الى فرنسا بمصيره وتتبع ذلك. وترجح لوفيغارو استنادا إلى مصدر خبير في شؤون الاستخبارات احتمال أن يكون من احضره الى فرنسا هو من تولى امره. وكشفت في هذا السياق، نقلا عن مصدر ديبلوماسي فرنسي وصفته بالرفيع المستوى، عن أن فرنسا، ومنذ أيلول/ سبتمبر 
https://www.alqudscenter.org/print.php?l=ar&pg=QUNUSVZJVElFUw==&id=646